مغربيات يعرضن خدماتهن في "الموقف" من أجل "لقمة حلال"

يطالبن بجمعيات ومراكز لإيوائهن

نشر في:

تلجأ أعداد متزايدة من النساء الفقيرات بالمغرب من أرامل ومطلقات وأمهات معوزات إلى "الموقف" طلبا للقمة عيش حلال. والموقف مكان يوجد في كل مدينة مغربية في أحياء معروفة، تقف فيه عاملات البيوت طيلة النهار في انتظار زبائن يرغبون بمساعدة في الخدمات المنزلية، من قبيل التنظيف والطبخ وترتيب البيت، مقابل أجر زهيد.

ونددت جمعيات نسائية بالوضع المزري الذي تعيشه عاملات الموقف بدءا من ساعات انتظارهن خلال الصباح الباكر فرصة عمل مؤقت في البيوت، وانتهاء بظروف الشغل الصعبة والأجر القليل، زيادة على التعرض للإهانة اليومية والاعتداءات المتكررة سواء من طرف بعض الزبناء أو من طرف رجال الأمن.

وتطالب نساء "الموقف" الجمعيات والمنظمات النسائية بالعمل على دعمهن والدفاع عنهن لاحترام كرامتهن وصونهن من الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي يقعن ضحية لها أحيانا، بالإضافة إلى خلق مراكز لإيواء وتكوين عاملات الموقف من أجل تطوير أداء عملهن في البيوت.

مراكز إيواء

ونددت فوزية عسولي، رئيسة الفدرالية الديمقراطية لحقوق المرأة، بوضعية نساء الموقف في مختلف مناطق المغرب، لكونهن عاملات يشتغلن في مهن وحرف مؤقتة كثيرة دون حماية ولا ضمان صحي ولا اجتماعي، مشيرة إلى أن عاملة الموقف قد تشتغل خادمة في البيت في الصباح، لتنتقل إلى بيع الثياب البالية أو بعض الحلويات خلال فترة المساء، لتكمل مهامها الشاقة في منزلها لخدمة زوجها وأبنائها بالليل.

وطالبت عسولي في حديث لـ"العربية.نت" المسؤولين عن قطاع المرأة والأسرة بالبلاد بالاهتمام بأحوال نساء الموقف وتنظيم عملهن غير المهيكل بتخصيص قانون شغل يحميهن من كل شطط أو حيف، وبالعمل وفق عقدة شغل تحدد لهن حقوقهن وواجباتهن في العمل.

وأبرزت المتحدثة أن نساء الموقف يتعرضن لشتى أنواع التهميش الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، مضيفة أنه يجدر بالمجتمع أن يحترم وجودهن وتكبدهن المشاق لتربية أبنائهن، ويعمل على تقديم العون لهن بمختلف الطرق والوسائل الممكنة.

واستحسنت عسولي فكرة تخصيص مراكز لإيواء نساء وعاملات الموقف، وتشتمل على تقديم خدمات تكوينية ودروس تطبيقية في مجالات تهم هذه الفئة من العاملات بغية الاعتماد على أنفسهن ومراكمة الخبرة والتجربة في بعض الحرف اليدوية التي تتطلب مهارات معينة.

وفي السياق ذاته، تعد تجربة جمعية "جذور" شرق البلاد في رعاية عاملات الموقف تجربة متميزة، حيث تم إنشاء مركز للإيواء والتكوين والخدمات لفائدة هذه الشريحة من النساء، فضلا عن خلق حضانة للأطفال تتكفل برعايتهم في غياب أمهاتهم خلال فترة اشتغالهن.

ويعمل المركز أيضا على تكوين نساء الموقف في مجالات الطبخ والخياطة والتدبير المنزلي، بالإضافة إلى الانخراط في محاربة الأمية والتربية الصحية وإعطاء دروس الدعم والتقوية لفائدة أطفالهن.

معاناة نساء الموقف

وتقول أمينة، أرملة في الأربعين من عمرها وأم لأربعة أبناء، أنها تنتظر كل يوم طيلة عشر سنوات خلال "الموقف" فرصة عرض زبون أو زبونة يطلب خدماتها لتقوم بأشغال البيت من تنظيف أو تصبين أو تدبير منزلي على حسب رغبة الزبون وطلباته.

وتعترف أمينة أنها تعيش مرغمة من هذه المهنة لكونها فقيرة الحال ولا تملك مهنة أو حرفة تغنيها عن الوقوف ساعات طوال للحصول على لقمة عيش صعبة في ظل تزايد أعداد نساء الموقف، وأيضا بسبب اختلاط الحابل بالنابل بينهن، حيث تستغل بعض سيئات السمعة "الموقف" لاصطياد الزبائن قصد ممارسة الرذيلة.

وتشتكي أمينة ومعها رحمة، زميلتها في الموقف، من الإهانات وسوء التعامل الذي يلاقينه أحيانا من طرف بعض الزبناء أو ربات البيوت اللائي يستغلن وضعهن الاجتماعي المتدني ليطالبنهن بأشغال كثيرة فوق طاقتهن، لكن مقابل تعويض مالي لا يكفي لسد حاجيات أفراد الأسرة.

وتضيف العاملتان في الموقف: نتعرض أحيانا لمضايقات وتحرشات من طرف زبناء يسيئون الظن في كل امرأة اضطرتها ظروفها للوقوف في "الموقف".

وتتعرض أيضا نساء الموقف إلى التعامل السيء أحيانا من طرف بعض رجال الشرطة الذين يعملون على إبعاد جحافل المتسولين والمتشردين، فيعمدون على طرد عاملات الموقف كذلك خاصة في فترات الحملات الموسمية التي تقوم بها السلطات لتلميع وجه المدينة.

وطالبت أمينة ورحمة - بلسان نساء الموقف- الجمعيات النسائية والحقوقية بالاهتمام بهن وبالدفاع عن حقوقهن لصيانتهن من هدر كرامتهن، وأيضا أن يتم خلق مراكز وجمعيات لإيواء عاملات الموقف وتكوينهن في مجالات التنظيف والطبخ والخياطة، قصد الدفع بهن إلى تعلم حرف تطور المسار المهني لنساء الموقف.