عقاب قاسٍ ناله أسوأ سفاح بريطاني خلال القرن الـ19

نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط
3 دقائق للقراءة

لسنين عديدة عانى الأطباء البريطانيون من نقص فادح في عدد الجثث المعدة للتشريح لأغراض علمية، ويعزى السبب في ذلك إلى القوانين البريطانية التي سمحت لهم بممارسة عمليات التشريح على جثث المجرمين فقط منذ بداية القرن التاسع عشر وبسبب تراجع عدد عمليات الإعدام التي كانت تنفذ في حق المجرمين عقب صدور أحكام قضائية في حقهم افتقرت وحدات التشريح البريطانية إلى الجثث المعدة للتشريح لأغراض علمية. لهذا السبب توجهت العديد من جامعات الطب البريطانية مثل جامعة أدنبرة نحو ما يعرف بـ"صائدي الجثث" أو مجرمي المقابر الذين كانوا أشخاصاً يمتهنون فتح القبور وسرقة الجثث حديثة الدفن بغية بيعها بأثمان باهظة إلى وحدات التشريح.

وما بين شهر نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1827 وشهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1828، عاشت منطقة أدنبرة البريطانية على وقع عمليات قتل غامضة قادها المجرمان ويليام بورك وصديقه ويليام هار، الذي كان يمتلك فندقاً محلياً بالمدينة. خلال تلك الفترة وبمساعدة بعض النساء، أقدم هذان الرجلان على استدراج عدد من الزبائن نحو الفندق قبل أن يتكفل ويليام بورك بالإجهاز عليهم خنقاً دون ترك آثار واضحة على الجثة. على إثر ذلك وعقب كل عملية قتل يعمد المجرمان إلى بيع جثة ضحيتهما مقابل مبالغ مالية باهظة إلى الطبيب البريطاني الشهير روبرت نوكس، الذي كان يجهل مصدر هذا العدد الكبير من الجثث.

صورة للمجرمين ويليام بورك (على يسار الصورة) ووليام هار (على يمين الصورة)
صورة للمجرمين ويليام بورك (على يسار الصورة) ووليام هار (على يمين الصورة)

خلال تلك الفترة حامت الكثير من الشكوك حول نشاط هذين الرجلين ومصدر الجثث، خاصة بعد أن قدّم بعض الزبائن بفندق ويليام هار شهادة للسلطات الأمنية حول مشاهدتهم جثة بإحدى الغرف. على إثر هذه المعلومات أقدمت شرطة أدنبرة على اعتقال المجرمين، وفي الأثناء وبسبب غياب أدلة واضحة تدينهما بجرائم القتل، عرض المحامي الملكي ويليام راي على المتهم ويليام هار أن يروي كامل التفاصيل حول مصدر الجثث مقابل وعود بحمايته من التتبعات العدلية.

الهيكل العظمي لويليام بورك وهو معروض بجامعة الطب بأدنبرة
الهيكل العظمي لويليام بورك وهو معروض بجامعة الطب بأدنبرة

وافق ويليام هار على هذا المقترح وأقر بكل شيء حول نشاط صديقه وزميله في الإجرام ويليام بورك، مؤكداً أن عدد الضحايا يقارب السبعة عشر شخصاً بيعت كل جثثهم للطبيب روبرت نوكس الذي كان يجهل مصدرها.

على إثر هذه التصريحات الخطيرة تمكنت السلطات البريطانية من إدانة المتهم الرئيسي في القضية ويليام بورك الذي مثل أمام القضاء ليصدر في حقه بعد بضع جلسات حكم بالإعدام شنقاً جرى تنفيذه أواخر شهر يناير سنة 1829 أمام أكثر من 25 ألفاً من أهالي أدنبرة.

وكعقاب له على جرائمه، تم تشريح جثة ويليام بورك بشكل علني، حيث حضرت جموع غفيرة بمعهد الطب بأدنبرة وخلال عملية التشريح وضع الطبيب ألكسندر مونرو ريشته في دم ويليام بورك وكتب ما يلي: "هذا كتب بدم ويليام بورك الذي شنق بأدنبرة، مصدر الدم هو رأسه".

عقب الانتهاء من عملية التشريح تم الاحتفاظ بالهيكل العظمي وأجزاء من جثة ويليام بورك داخل أروقة متحف الطب بجامعة أدنبرة، وفي غضون ذلك عرف قاموس اللغة الإنجليزية البريطانية ظهور مصطلح burking والذي اشتق من اسم المجرم ويليام بورك، ويقصد بهذا المصطلح الجديد ارتكاب جريمة قتل بهدف استغلال الجثة لأغراض طبية.

انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة

تم اختيار مواضيع "العربية" الأكثر قراءة بناءً على إجمالي عدد المشاهدات اليومية. اقرأ المواضيع الأكثر شعبية كل يوم من هنا.