والممنوع في عرف الإعلام يتغير

هيا عبد العزيز المنيع
نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط
دقيقتان للقراءة

جاءتني رسالة واتس أب تحمل أغنية للراحل طلال مداح أو صوت الأرض كما يحب أن يسميه عشاقه الأوفياء, الأغنية لا تحمل صورته بل صوته وأغنية دون اسم وصورة للأسطوانة التي تحتوي الأغنية ومكتوب عليها بجانب اسم شركة التسجيل ممنوع إذاعة هذه الأسطوانة بالراديو؟ الله على الزمن الجميل..., حيث درجة الضبط عالية إلى حد التحكم.

أين هم من زمننا حيث تشاركك العيون بوجبات غدائك وسفرك وفرحك..., اليوم نستمتع بإبداع طبخات أم عبدالله وهي تسابق الثواني في صناعة طبق المرقوق مع ابنتها نجمة الإعلام الاجتماعي ونتوقف أمام حمودي وبرهومي وعزوز وهم يقفون أمام والدتهم ويسألونها كيف تزوجت من والدهم عن حب وإلا جح يدحرج قرع....؟؟

فنانو اليوم يوقعون عقودا مع شركات متخصصة في التسويق لأغانيهم مع حفظ حقوقهم, ومع ذلك يقومون بتسريبها عبر منصات الإعلام الاجتماعي لعل وعسى أن تكون سببا في رفع أسهمهم في حفلات الزواج...., أما من ينتج أغانيه بنفسه فإنه لا ينام خشية أن يشاركه قناصة النت تلك الأغنية قبل استعادته تكاليف الإنتاج...

اليوم الممنوع في الإعلام لا وجود له...., اليوم يا فقيد الطرب باتت الصورة تقتحم كل الأبواب المؤصدة...,أما الكلمة فباتت متاحة للجميع من يتقن حرفة الأدب ومن يعبث باللغة ويرتكب معاصي الأخطاء الإملائية واللغوية أما المحتوى والدلالة فبعضها لا يخجل من فحش المعاني..., لم يتبق من الممنوعات إلا قلم الرقيب على مقالاتنا حيث يحذف جملة وأخرى يختل المعنى وتبقى الفكرة لمن يجيد فن قراءة ما بين السطور..., تتشوه بعض المعاني وجماليات حبكة المقال وتوازن تدرجه.

حقيقة تمنيت أن يكون على هذه الأسطوانة تاريخ لنعرف الفارق الزمني بين زمنها وزمننا اليوم, لربما ساعدنا على تخيل كيف سيرى أبناؤنا بعد سنوات قليلة جدا كيف يضحكون على بعض ممنوعاتنا اليوم.

مع وسائل التواصل الاجتماعي واتساع منصات الإعلام الاجتماعي أتفق مع الزميل عبدالله بخيت بضرورة رفع سقف هامش الحرية لكتاب مقالات الرأي, لأن البدائل للصحف الورقية باتت متاحة وبقوة, وبمغريات جاذبة جدا.

قلم الرقيب لم يعد مناسبا في وسط منفتح دون ضوابط, بل إن كاتب الرأي اليوم هو من مميزات الصحف الورقية فالخبر بات متاحا طوال ساعات اليوم, الصحيفة النشطة فقط تملك خاصية المتابعة واختراق زوايا غائبة لهذا الحدث أو ذاك.., مع ارتفاع مصداقيتها وسط هذا الضجيج.

كاتب الرأي اليوم وخاصة كتاب الصحف العريقة أقدر من غيرهم على إدراك الأطر المناسبة لتناول الفكرة بما فيها الإطار الزمني وارتفاع أو انخفاض هامش حرية الطرح.

قلم الرقيب في صحفنا غير لائق بزمن كل مواطن يستطيع فيه أن يكون صحيفته وقناته.

* نقلا عن "الرياض"

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة

تم اختيار مواضيع "العربية" الأكثر قراءة بناءً على إجمالي عدد المشاهدات اليومية. اقرأ المواضيع الأكثر شعبية كل يوم من هنا.