بلدية بيروت تغرد خارج سرب التقشف.. ملايين تتطاير

نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط

فيما لبنان يرزح تحت أعباء أزمة اقتصادية تحاول الحكومة التخفيف منها عبر إقرار موازنة تقشفية هي الأولى بتاريخ الإصلاح المالي تستند إلى خفض العجز ووقف النفقات غير الضرورية، يبدو أن بلدية بيروت تُغرّد خارج سرب التقشّف بإنفاقها أموالاً على نشاطات تعتبر من "الكماليات" في حين أن عودة جبال النفايات إلى شوارع العاصمة تؤرق السكان من دون أن يلوح في الأفق أي حل علمي للكارثة البيئية، فضلاً عن "هشاشة" البنى التحتية التي يفضحها فصل الشتاء كل عام بأمطاره وسيوله.

فقبل يومين، اجتمع مجلس بلدية بيروت برئاسة جمال عيتاني وعلى جدول أعماله عدة بنود، كان أبرزها طلب مؤسسة "منى بسترس" دعماً مالياً (نحو 220 ألف دولار) للقيام بنشاط رياضي مجاني في حرم مرفأ بيروت تحت عنوان "‏Bringing Madrid to steal Beirut" في أول يونيو/حزيران المقبل، وآخر ورد في جدول أعمال جلسة سابقة أعيد نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتعلّق بتقديم مساعدة بقيمة 453 مليون ليرة لجمعية "حماية وتحسين نسل الجواد العربي" وغيرها من جمعيات ومهرجانات ومواقع إلكترونية وإعلانات.

بيروت (فرانس برس)
بيروت (فرانس برس)
مادة اعلانية

بنود وملايين متطايرة ضجت بها مواقع التواصل في لبنان، ولم تزل الانتقادات والتعليقات الساخرة تتساقط على ما وصف بفضيحة مدوية!

"كماليات" في زمن التقشّف!

فقد أثارت هذه المبالغ الخيالية لتمويل نشاطات "كمالية" في زمن التقشّف وعصر النفقات ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها جاء على لسان وزير الدفاع اللبناني الياس بو صعب والنائب هاغوب ترزيان، حيث أشارت المعلومات إلى أنهما عاتبا زميلهما النائب في "التيار الوطني الحر" نقولا الصحناوي صاحب مؤسسة "منى بسترس بسبب طلبه من بلدية بيروت الحصول على مبلغ مالي كبير لإقامة نشاط رياضي، ما يُعتبر هدراً مالياً، خصوصاً في ظل الظروف الحالية التي تستدعي تقشّفاً.

وفعلت موجة الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي فعلها، إذ شهد اجتماع المجلس البلدي نقاشا حاداً تقرر بموجبه عدم الدفع للنشاط الرياضي الذي تقدمت به جمعية "منى بسترس" لنقل مباراة نهائي كأس أوروبا عبر شاشات، كما تقرر وقف صرف المساعدات الخاصة بالمواقع الإلكترونية.

تحسين نسل الجواد العربي!

وإلى النشاط الترفيهي، أعاد الناشطون على مواقع التواصل نشر بند طلب مساعدة بقيمة 453 مليون ليرة لجمعية "حماية وتحسين نسل الجواد العربي"، مُطلقين العنان لموجة سخرية من دولة تتقشف على القضاء والجامعة اللبنانية وتدعم نسل الجواد".

إلا أن الأغرب أن بلدية بيروت وافقت في جلسة منذ قرابة الشهر على صرف 352 ألف دولار أميركي إلى إدارة ميدان سباق الخيل في العاصمة، والسماح لجمعية "حماية وتحسين نسل الجواد العربي" باستعمال الأموال المتوفرة في حساب التجهيز والإنشاءات لغاية مبلغ 452 مليون ليرة لبنانية (نحو 300 دولار) بغية تحسين وصيانة واستحداث بعض التجهيزات والإنشاءات الموجودة في ميدان سباق الخيل وتسديد المصاريف.

ومعروف أن هذه الجمعية يرأسها النائبان السابقان نبيل دو فريج وميشال فرعون، وهي تحصل على دعم مالي من الحكومة بملايين الدولارات، كما لها مخصصات كبيرة من بلدية بيروت. وتم تمرير القرارات المتعلّقة بها تحت شعار بأن المساعدة لإنقاذ "معلَم تاريخي وتراثي" لبيروت (ميدان سباق الخيل) التابع لبلدية بيروت.

وفي العام الماضي ضجّت الأوساط البيروتية بالخبر الذي جرى تداوله حول عزم مجلس بلدية بيروت تمرير مساعدة مالية بقيمة 450 ألف دولار أميركي لجمعية "تحسين وحماية نسل الجواد العربي"، حيث عبّرت عن استيائها ورفضها لصرف هذه المساعدة التي تُعتبر "نفعية" ومن أموال المكلّف البيروتي، غير أن المجلس البلدي اتّخذ القرار رغم اعتراض بعض الأعضاء.

البلدية تستغرب

في المقابل، استغرب رئيس لجنة الإعلام والعلاقات العامة في بلدية بيروت عضو المجلس البلدي المحامي راغب حداد لـ"العربية.نت" "الضجة المُثارة حول بنود جدول الأعمال لجهة الأموال المرصودة لإنفاقها على بنوده"، لافتاً إلى "أن جدول أعمال جلسة البلدية الأخير يعدّ الأقل "كلفةً" مقارنةً بسابقاته".

وبحسب القانون، يحق لكل جمعية بيروتية مهما كان هدفها التقدّم بطلب مساعدة مالية إلى بلدية بيروت لدعم نشاطاتها، والمجلس سيّد نفسه في رفض طلبها أو الموافقة عليه.

وأوضح عضو مجلس بلدية بيروت المحامي حداد "أن قسماً كبيراً من جدول الأعمال لم يُقرّ". وقال "مع احترامي لكل من دعا إلى تحرّك الهيئات الرقابية لإجراء تحقيق حول ما تقرّه البلدية، لكن مجلس بلدية بيروت سيّد نفسه، وأي قرار تتّخذه البلدية يخضع أولاً لسلطة محافظ بيروت ثم وزارة الداخلية وأخيراً ديوان المحاسبة قبل صرف أي مبلغ".

أما عن سقوط بند دفع 220 ألف دولار للنشاط الرياضي الذي تقدمت به جمعية "منى بسترس"، أشار حداد إلى "أننا لم نوافق عليه لأنه لن يكون شبه مجاني، وهذا شرط أساسي بالنسبة لنا كبلدية لرعاية ودعم أي نشاط ترفيهي".

ولفت المحامي حداد إلى "أن جمعية "حماية وتحسين نسل الجواد العربي" تطلب مساعدات مالية من البلدية من أجل تحسين وصيانة بعض التجهيزات والإنشاءات الموجودة في ميدان سباق الخيل التابع لبلدية بيروت".

انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة