اهتزت مناطق المعارضة السورية في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سوريا، الجمعة، على خبر اغتيال الناشطين المعارضين للنظام السوري وللتنظيمات الإرهابية، وهما رائد الفارس والمصوّر حمود جنيد.

وقتل الفارس وصديقه جنيد في مدينة (كفر نبل) الإدلبية، بعدما تمكّن ملثّمان مجهولا الهوية، اتخذا من سيارة نقل متوسطة (فان) مكاناً للاختباء وتحيُّنِ خروج المعارضَين من انتهاء صلاة الجمعة، وقاما بإطلاق الرصاص عليهما من نوافذ (الفان)، حتى فارقا الحياة، على الفور.

وشيّع المعارضان إلى مثواهما الأخير، في المحافظة الخاضعة لاتفاق روسي – تركي، تعهّدت أنقرة بموجبه، بإقناع التنظيمات المصنفة إرهابياً، بتسليم سلاحها الثقيل والمتوسط، في منطقة منزوعة السلاح يبلغ عمقها ما بين 15 و20 كيلومتراً.

ويعتبر الناشط السلمي والمعارض رائد الفارس، جزءاً من سيرورة الثورة السورية، من لحظة اندلاعها الأولى. فهو مخطط اللافتات المعارضة المطالبة بإسقاط الأسد، وهو فاضح الدور الإيراني في سوريا وعلاقته بالنظام، من خلال لافتات اكتسبت شهرة كبرى وبعضها عالمي. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في هذا السياق، إن الفارس عرف بهذه اللافتات التي "حملت رسائل للداخل والخارج". ويطلق عليه لقب (مهندس اللافتات) و(مبدع اللافتات).

أسس الفارس إذاعة محلية تدعى (فريش) لتكون منبراً إعلامياً معارضاً منذ بداية العمل الثوري السوري المعارض عام 2011. وأطلق من خلالها شعارات لم ترق لبعض التنظيمات المتطرفة، كجبهة النصرة التي أصبح اسمها (هيئة تحرير الشام)، فقامت باعتقاله عام 2016، وأطلقت سراحه بعد فترة.
واتهمت (جبهة النصرة)، (هيئة تحرير الشام) لاحقاً، الفارس بأنه كتب منشوراً على فيسبوك عام 2016، فيه ما وصفته بـ(خلل شرعي واضح!) فقامت باعتقاله ومصادرة معدات الراديو الذي يديره في إدلب، وهو راديو (فرش). ثم أطلقت سراحه بعد ضمانات من شخصيات سورية معارضة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في خبر سابق له عن الفارس، أن جبهة النصرة، وقتذاك، لم تطلق سراح الفارس إلا بعد ضمانات بخضوعه لاحقاً، لـ(محكمة شرعية).
وعرف الفارس بمواقفه المناهضة للتنظيمات المتطرفة، منذ عام 2013، وعلى رأسها تنظيم (داعش). وكان نشاطه ينصب لإخراج تلك الجماعات المصنفة إرهابياً، من أجل التفرّغ "لإسقاط بشار الأسد". كما كان يكرر.
وتعرّض لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، في عام 2014، حيث أصيب بعدة رصاصات في جسده، وأجريت له عملية جراحية عاجلة، لإسعافه.
وكتب على إحدى أشهر لافتاته عام 2013، مطالباً تنظيم "داعش" بمغادرة سوريا، كي يتفرغ السوريون لعدوّهم، أي نظام الأسد.

هدمْنا مزرعة آل الأسد
وتظهر إحدى اللافتات التي صممها في أواخر عام 2012، مرشد إيران علي خامنئي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهما يتوسلان الأسد بقولهما: "أرجوك، لا ترحل!".
وأطلق الفارس مشروع (محامون لأجل العدالة) للمطالبة بمعاقبة مرتكبي الانتهاكات في سوريا، وعلى رأسهم نظام الأسد وجيشه.

ووجهت اتهامات لهيئة تحرير الشام المتطرفة، باغتيال الفارس وزميله جنيد. وأصدرت هيئة التفاوض السورية المعارضة، الجمعة، بياناً تدين فيه الاغتيال معتبرة أنه جزء من "ممارسات إجرامية".

وكان الفارس قد قال في تصريحات تلفزيونية: "أنا مؤمن بأننا هدمنا مزرعة لبيت الأسد. كنّا عبيداً عن بيت الأسد. والذي فعلناه، هو هدمنا لهذه المزرعة".