عيد الطفولة: صغار رفح "الضحايا"!

نشر في:

يحصل الأطفال في أنحاء العالم على رعاية من نوع خاص في مطلع يونيو من كل عام. هو اليوم الذي يوافق يوم الطفولة العالمي. وتسير مواكبهم لترسم لوحة طبيعية للطفولة في أزهى صورها. في فلسطين، يختلف الوضع تماما، فالطفولة هناك ليس لها عيد بالمعنى المألوف. العذابات وحدها هي التي ترسم مشهد الطفولة البائسة هناك.722 طفل فلسطيني دون سن 18 استشهدوا خلال انتفاضة الأقصى.33 جنينا توفوا على الحواجز الإسرائيلية. 403 طفل فلسطيني هم قيد الاعتقال حتى الآن منهم 20 طفلا محكومين حكما إداريا 267 طفل موقفين بانتظار المحاكمة 116 طفلا محكومين بأحكام مختلفة. ويتوزع الأطفال المعتقلين بين عدة سجون إسرائيلية هي تلموند، بيت ايل، النقب.يعاني 36 طفلا من الأمراض المختلفة ويحتاجون إلى عناية طبية لا توفرها إدارة المعتقلات. ويتعرض ما نسبته 82% من الأطفال الذين اعتقلوا للتعذيب وعلى الأخص وضع الكيس في الرأس و" الشبح" فيما يعاني ما نسبته 13% من الأطفال المحررين من مشاكل جسمانية ونفسية.[[[722 طفل فلسطيني دون سن 18 استشهدوا خلال انتفاضة الأقصى]]]وأيام أطفال فلسطين كلها لا تعدو أن تكون مآتم مستمرة ومعاناة تجرح الطفولة وتخدش براءتها. أما في "رفح"، فعيون الأطفال في يومهم هذا العام، كانت تحمل الكثير من الأسى والدموع. الطفل امجد أبو جزر 7 سنوات عاش الحصار الأخير بأدق تفاصيله حيث لم يجد سوى الزعتر ليأكله طيلة الحصار، ولم يستطع الاستحمام لعدم وجود مياه الشرب. قال أمجد لـ"العربية نت"، " أنا كنت بدي أروح على المدرسة بس الدبابة كانت واقفة على باب الدار، فانا خفت وما رحتش"، ثم تساءل امجد ببراءة الأطفال "ليش الدبابة يا عمو مخلتنيش أروح على المدرسة".

أطفال رفح يعترضون موكب سفير اليونسيف

أطفال رفح الذين استشهد منهم 25 طفلا دون سن الثامنة عشر أثناء الاجتياح الإسرائيلي الأخير للمدينة والذين كان منهم 17 طالب مدرسة، قاموا بإرسال رسالتين إلى العالم والأمم المتحدة، حيث قام مئات الأطفال في يوم الطفولة العالمي تضامنية حملت عنوان " رسالة استغاثة" مشوا فيها بين أنقاض منازلهم المدمرة في رفح ووقفوا خلالها على أطلال حديقة الحيوان التي دمرتها قوات الاحتلال والتي كانت تمثل لهم أملهم الأخير في إيجاد متنفس لهم بعد أن أغلق الاحتلال شاطيء بحر رفح منذ بداية الانتفاضة حيث كان يلعب الأطفال ويمرحون.أما الرسالة الثانية فقد مثلت اعتراض أكثر من أربعين طفل وطفلة من أطفال "البرلمان الفلسطيني الصغير" "موكب السفير ديفيد بسيوني" مفوض اليونيسيف في الأمم المتحدة لرعاية الطفولة لأكثر من 20 دقيقة افترش خلالها الأطفال الأرض وناموا تحت إطارات سيارات الموكب، وقد طالب الأطفال المفوض بسيوني بضرورة إيصال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة مفادها أن أطفال رفح لا يحتاجون إلى ملبس أو مأكل، إنهم يحتاجون إلى الحرية والاستقلال وان يعيشوا كما يعيش بقية أطفال العالم.في هذا السياق قال الطفل صالح حسنين رئيس برلمان الطفل الصغير المنتخب لـ"العربية نت"، ": إن أطفال رفح في هذا اليوم محرومين من كل الحقوق الشرعية كاللعب والتدريس والمسكن فيما يتوفر لأطفال العالم كل مقومات الحياة، نحن في البرلمان الفلسطيني نطالب باحترام جميع حقوقنا وتوفير مقومات إنسانية تحفظ لنا العيش بكرامة كباقي أطفال العالم، ونوجه رسالة قصيرة إلى كل عربي شريف بان يشعر بنا وبمعاناتنا وألمنا".

لم يجد سوى الزعتر ليأكله طيلة الحصار ولم يستطع الاستحمام لعدم وجود مياه الشرب

الأطفال الفلسطينيون: أين حقوق الإنسان ؟

يتعين على الأطفال هناك أن يفتحوا عيونهم على مآس تفوق أعمارهم بكثير. وعليهم أن يتأقلموا مع الحواجز العسكرية ومطاردات المستوطنين واعتداءاتهم. وعليهم أيضا حين يحتفلوا بيوم الطفولة العالمي، أن يستذكروا أصدقاءهم الصغار الذين رحلوا. فرحيل الصغار هناك طقس شبه يومي. ومن النادر أن يمضي اسبوع من دون أن تحصد قوات الاحتلال روح طفل أو طفلة. الطفلة ولاء الشعراوي 10 سنوات من حي الزيتون عاشت الحصار الأخير الدامي للحي وقالت لـ"العربية نت"، "كل العالم بيتكلم عن حقوق الإنسان والطفل أين هذه الحقوق إحنا لا نرى شيء منها ولا نعرف شيء عنها سوى أننا من حقنا أن نموت بكرامة دفاعا عن أرضنا فلسطين". وعلى الرغم من أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في إعلانها "إعلان حقوق الطفل" الصادر رسميا بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د - 14) و المؤرخ في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1959 احترام حقوق الأطفال في العالم ومن ضمنها حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو، وحقه في الحماية من كل أشكال العنف والحق في الغذاء والسكن والعناية الطبية المناسبة والتعليم المجاني والإهمال والاستغلال. لكن أطفال فلسطين ينظرون بعيون الشك والريبة إلى احترام العالم لمواثيقه حيث يعيش أكثر من مليون ونصف مليون طفل فلسطيني تحت سن الثامنة عشر في الأراضي الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية بنسبة تقارب 45% من عدد السكان تحت معاناة يومية تفوق الحدود، دون أن يحرك هذا العالم ساكنا لوقف معاناتهم أو لتوفير متطلبات تلك الحياة التي نص عليها قانون الأمم المتحدة.

ينظر أطفال فلسطين بعيون الشك والريبة إلى احترام العالم لمواثيقه

الأطفال أكثر المتضررين في فلسطين

المستشار القانوني للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال المحامي داوود درعاوي أوضح لـ"العربية نت" بأن هناك شقين أساسيين يتعلقان بحقوق الطفل الفلسطيني، الشق الأول يتعلق بالاحتلال وممارساته,، حيث أن شريحة الأطفال الفلسطينيين هي أكثر الشرائح التي تضررت من الاحتلال سواء على صعيد الشهداء أو الجرحى أو المعتقلين أو الذين شردوا لهدم منازلهم وترحيلهم نتيجة بناء الجدار. وأشار إلى أن مجموع هذه الانتهاكات ضد الأطفال تعاظمت في الفترة الأخيرة موضحا بأن عدد الشهداء الأطفال تجاوز 700 طفلا خلال انتفاضة الأقصى إضافة إلى آلاف الجرحى وعشرات المعتقلين وهنا – يضيف - علينا أن نتساءل أين المجتمع الدولي وهيئاته الخاصة والأمم المتحدة تجاه الانتهاكات الإسرائيلية التي تعتبر وفقا للقانون الدولي جرائم حرب.وقال درعاوي إن الجانب الآخر يتعلق بالسلطة الفلسطينية والتزاماتها تجاه الطفل الفلسطيني، حيث ما زالت السلطة الفلسطينية عاجزة عن تقديم اقل ما يمكنها لأطفال فلسطين، وقانون الطفل الفلسطيني ما زال تائها في غياهب الروتين، وأوضح أن مجموعة القوانين التي توفر الحماية للطفل غير موجودة في القانون الفلسطيني لأنه لم يتم بعد إقرار قانون العقوبات الذي يحتوى في جنباته على تلك القوانين التي توفر الحماية للطفل من سوء معاملته أو الإساءة إليه أو نتيجة للجرائم الواقعة ضده.إضافة إلى ذلك فان السلطة الفلسطينية لم تدرج في ميزانيتهاالمالية أي بند يتعلق بالتزاماتها تجاه الطفل وما يتعلق بتنميته لكي يستطيع الطفل الفلسطيني مواجهه الأضرار والانتهاكات التي لحقت به نتيجة الاحتلال.ويضيف المحامي داوود أن أكثر النقاط خطورة هي تلك المتعلقة بسن المساءلة القانونية للطفل الفلسطيني والمتمثلة بتسعة أعوام حيث يتضمن مشروع القرار الفلسطيني أن يكون سن مساءلة الطفل القانوني هو 9 سنوات في الوقت الذي تطالب فيه السلطة الفلسطينية إسرائيل بالا تقوم بتقديم الأطفال الفلسطينيين دون سن 12 سنة للمحاكمة العسكرية.