زعيم السرورية "الشيخ زين العابدين" يترك بريطانيا وينتقل إلى الأردن

فكره خليط بين السلفي والإخواني وأتباعه في الدول العربية:

نشر في:

كشفت مصادر مطلعة في لندن أن زعيم ما عرف بالتيار السروري في البلاد العربية غادر محل إقامته في بريطانيا متوجها إلى الأردن وسط تساؤلات عن أسباب انتقاله المفاجئ.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن محمد سرور زين العابدين (70 عاما) ناشر مجلة "السنة" غادر لندن إلى الأردن قبل شهر رمضان بسبب آلام في منطقة الأذن، إلا أن مصادر أكدت أنه لا يزال يحتفظ بمنزله في منطقة ويمبلي.
وكان الشيخ سرور قد أصدر فتوى بعد التفجيرات الإرهابية التي ضربت العاصمة الرياض مايو/أيار الماضي طالب فيها العلماء والمشايخ بالتزام الواجب الشرعي بإبلاغ السلطات الأمنية عن المتطرفين الذين يحضرون لعمليات إرهابية، حماية لهم وحفظا لأرواحهم وأرواح أفراد الشعب.
وما زالت فتواه تثير جدلا واسعا بين الأصوليين ومشايخ تيار العنف الأصولي، وخاصة أنه كان يعتبر رمزا في أوساط هذه التيارات مع تبني مجلة "السنة" لخط معارض للحكومة السعودية.
ولا تستبعد مصادر الصحيفة أن يكون الشيخ سرور قد تعرض لتضييق في بريطانيا من جراء القوانين الاستثنائية الأخيرة الصادرة عن وزارة الداخلية البريطانية. لكن المقربين ينفون ما تردد من أن الشيخ خائفا على أطفاله الصغار الذين يدرسون بأكاديمية الملك فهد في لندن.
كما نفى أصولي مصري أن يكون سرور قد ذهب إلى الأردن كخطوة قبل عودته النهائية إلى بلده الأصلي سوريا التي خرج منها معارضا قبل 30 عاما. وكشف أن الشيخ سرور يرتبط بعلاقات جيدة مع بعض المشايخ الجدد في السعودية، وقد أدى فريضة الحج والعمرة أخيرا.
وأضاف أن التيار السروري كان له أتباع في مصر أيضا وليس في السعودية فقط، ومعظم أنصاره كانوا من مجموعة بني سويف في تنظيم الجهاد، ومن أبرزهم أحمد حسين عجيزة زعيم "طلائع الفتح الإسلامي" المنشقة عن جماعة "الجهاد" المصرية الذي تسلمته مصر من السويد عام 2001.

وكتب سرور افتتاحية العدد الأخير من مجلة "السنة" تحت عنوان: هيئة علماء العراق ماذا نريد منها ولها؟ قال فيها "لقد مضى على سقوط بغداد بيد التتار أكثر من سبعة قرون ونصف القرن، ومع ذلك فالناس اليوم يتحدثون بتفاصيل ما حدث في ذلك اليوم، لاسيما أن هناك شبهاً كبيراً بين اليومين: يوم التتار، ويوم الأمريكيين".
وشملت المجلة مواضيع سياسية مثل "هل انتهى شهر العسل بين أنقرة وتل أبيب؟" و"الإخوان المسلمون والقاهرة"، و"مرحلة جديدة للقوات الأمريكية في العراق".
ومن جهته قال الإسلامي المصري الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات في لندن، إن سرور يقود تيارا إسلاميا يحمل اسمه في الدول العربية، وهو خليط ما بين الفكر السلفي والإخواني، منطلقه أن الرجال الذين يجب أن يقودوا الأمة يجب أن يكونوا من جبهة العلماء على مستوى العالم الإسلامي، مثل الجبهة الجزائرية التي كانت تواجه الاستعمار الفرنسي بقيادة الشيخ بشير الإبراهيمي وعبد الحميد بن باديس.
وأضاف أن سرور لا تعجبه الحركات الأصولية التي تلجأ إلى السلاح مثل "الجهاد" و"القاعدة"، وهو منذ أيام وجوده في أفغانستان كان مختلفا مع تيارات العنف التي كان يتهمها بالتهور، وكان يطالبها بعدم خوض صراع مع الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية، إلا أن الأصوليين كانوا يتهمونه على الطرف الآخر بأنه رومانسي النزعة وحالم، ونظرياته الفكرية لن تغير من الواقع شيئا. ويتهم تيار العنف الأصولي الشيخ سرور أيضا بأن أفكاره "نخبوية"، وغير متغلغلة في أوساط العامة من الناس.
وكتب سرور افتتاحية العدد 126 الصادر في يونيو/حزيران العام الماضي بعد أيام من التفجيرات التي ضربت الرياض 12 مايو/أيار 2003 تحت عنوان "قولي في التفجيرات الأخيرة في الرياض والدار البيضاء: من الواضح أن الإسلام في طريقه إلى الزوال. فما نشاهده اليوم في العالم الإسلامي ليس انتفاضة إيمان قوية، بل انطفاء جذوة الإسلام. أما كيف سيزول؟ فبكل بساطة، بقيام حرب مسيحية صليبية ضد الإسلام في غضون بضع سنوات، ستكون الحدث الأهم في هذه الألفية".
وأضاف "إننا لا نقر مثل هذه الأعمال ولا نوافق عليها، وذلك للاعتبارات الشرعية التي ذكرها العلماء وطلبة العلم في معرض الحديث عن حرمة ارتكاب مثل هذه الأعمال في بلاد المسلمين".
وقال سرور في افتتاحيته التي أثارت عليه نقمة الأصوليين حول العالم الذين زعموا عنه أنه تحول إلى شيخ تابع لأمن الدولة "لم يعد في استطاعتنا السكوت على هذه الأحداث الإرهابية التي شوهت صورة الإسلام في أعين غير المسلمين، وعادت بالضرر على شعوب الأمة الإسلامية: بلداناً وأحزاباً وجماعات وهيئات دعوية أو إغاثة وغير ذلك".
وأوضح: "إن هدف الإسلام البناء لا الهدم، والإصلاح لا التخريب، ومدار الرسالات السماوية كلها، كما يقرر شيخ الإسلام والراسخون في العلم من أضرابه، هو تحقيق المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. وهذا باب عظيم من أبواب الشريعة زلّت فيه أقدام وضلت فيه أفهام".
الجدير بالذكر أن الشيخ محمد سرور بن نايف زين العابدين كتب عدة كتب في الثمانينات أثارت الكثير من الجدل وذلك باسم مستعار هو "عبد الله الغريب"، وحمل في أحد هذه الكتب على الشيعة متحدثا عن خطط لـ"الثورة الإيرانية" لنشر فكر التشيع في مختلف دول العالم العربي.
والشيخ زين العابدين عاش في المملكة العربية السعودية لفترة من الزمن، وبالذات في مدينة بريدة حيث درس فيها، ليستقر به المقام لاحقا في لندن، حيث أسس مع الشيخ محمد العبدة وآخرون في المنتدى الإسلامي والذي تصدر عنه مجلة البيان أحد أكثر المجلات الإسلامية انتشارا في المملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم العربي، بالإضافة للانتشار في أوساط الجاليات المسلمة في الغرب.
ويحمل الكثيرون على محمد سرور بن نايف زين العابدين على أن فكره "المتشدد" ساهم في نشأة "السلفية الجهادية" على أساس أنه كان مسؤولا عن تنمية البعد السياسي في الفكر السلفي، وينسب هؤلاء المنتقدين عددا من علماء السعودية ودعاتها البارزين مثل الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي لـ"السرورية".