مصر.. مظاهرات متشحة بالسواد احتجاجا على "هتك عرض" صحفيات

رابعة ونوال ترويان تفاصيل واقعة "التحرش الجنسي"

نشر في:

اتشح مبنى نقابة الصحفيين المصريين في وسط القاهرة بشريط اسود اليوم الاربعاء 1-6-2005 في بداية "يوم حداد وغضب" احتجاجا على اعتداءات وقعت على متظاهرين أمام المبنى في الاسبوع الماضي وتعرضت خلالها صحفيات ونشطات لتمزيق ملابسهن.واحتشد نحو ألف من الصحفيين والناشطين الذين ارتدى كثير منهم ملابس سوداء أمام النقابة وداخلها وردد مئات منهم هتافات مناوئة للرئيس حسني مبارك ومطالبة بانهاء عهده.

وكان شهود قالوا ان رجالا يرتدون ملابس مدنية من أنصار الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم انهالوا بالضرب والركل واللكم على نشطاء من الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" في مظاهرتين بالقاهرة احداهما أمام مبنى النقابة يوم الاربعاء الماضي ومزقوا ملابس متظاهرات.
ورفع المحتشدون أمام المبنى اليوم وأغلبهم من النساء لافتات تقول "شرف زميلاتنا هو شرف الوطن" و"لن يهدأ الصحفيون قبل محاكمة ميليشات حزب الحكومة" و"نطالب باقالة وزير الداخلية حبيب العادلي".

وتحدثت المحامية رابعة وهي مسؤولة في حزب الغد، لـ (العربية.نت) في حوار هاتفي عن تفاعلات حادث "هتك العرض" الذي تعرضت له أثناء الاستفتاء على التعديل الدستوري المصري بشأن انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح.
وأضافت رابعة إنها تقدمت ببلاغ في نفس يوم الاعتداء عليها، ولكن الشرطة رفضت فتح محضر به بحجة أن هناك توجيهات وأنهم ينفذون التعليمات فقط.
واعتبرت أن التوصيف الذي ورد في بيان النائب العام "بأن ما حدث لها كان مجرد مشاجرة جاء مخيبا للآمال، مما يعني ضياع حقوقنا، خاصة أنني اتهم قيادات في الحزب الوطني الحاكم بالتورط في واقعة هتك العرض".
وأضافت رابعة أنها صممت أن تمسك بالشخص الذي اعتدى عليها وسط المظاهرة "لقد كانت ملابسي ممزقة تماماً. واستطعت الإمساك به، ولكن للأسف رجال الأمن ساعدوه على الإفلات مني". واستطردت: "لقد مزقوا ملابسي وتعرضوا لي في أماكن حساسة من جسدي".
وعبرت رابعة عن خيبة أملها من "موقف نقيب المحامين من ما تعرضت له من ضرب وتمزيق لملابسها، والتعرض لأماكن حساسة من جسمها، وعدم ذهابهم معها لقسم الشرطة" مشيرة إلى أن هناك خلافات بينها وبين نقيب المحامين.
وشرحت رابعة ما حدث معها بالتفصيل.. "كنت أحاول الدخول إلى نقابة الصحفيين، فأشار نحوي أحد أفراد الأمن، وقال إنني من (كفاية) فحاصرتني مجموعة منهم، ومزقوا ردائي الأعلى تماماً، وتعرضت للضرب من قبل أكثر من 10 أشخاص وتعرضوا لمناطق حساسة في جسمي".
واستطردت بأنه تم استدعاؤها يوم الاثنين 30/5 /2005 للنيابة العامة التي كانت ترفض في بداية الأمر إجراء التحقيق معها، لكنها رضخت بفعل ضغوط "أدبية" عليها، لكن رابعة وصفت ذلك التحقيق بأنه "صوري وسينتهي إلى لا شئ". فعلى حد قولها "كل التحقيقات التي تتعلق بالرأي العام تنتهى إلى لا شئ".
وأَضافت رابعة أن "النائب العام وبحكم تجاربه معنا كمحامين وأعضاء في لجنة الحريات، لم يسبق له أن اتخذ أي إجراء تجاه السلطة التنفيذية" معبرة عن شكها في أن "يكون النائب العام جزءا من السلطة التنفيذية".
وقالت إنها طلبت من وزارة الداخلية عرض شريط تسجيل للمظاهرة تم تصويره بواسطة كاميرا خاصة بهم "حتى يمكنني التعرف على المعتدي ولا يدون البلاغ ضد مجهول"، ولكنها تشكك في أن "يقوم النائب العام بإقناع وزارة الداخلية بعرض الفيلم، كما تتخوف من قيام الوزارة بالتلاعب في الشريط المسجل".
وقررت المحامية رابعة فهمي أنها لن تلجأ إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية لعدم ثقتها فيها "حدثت انتهاكات في أبوغريب لإخواتي المسلمات وفي جوانتنامو، ولم تتحرك تلك المنظمات، كما أنني لا أريد أن أكون ذريعة لأي تدخل أجنبي في مصر".
وأفادت رابعة أنها عملت بالجيش المصري من عام 1990 إلى 1996 حتى وصلت إلى رتبة نقيب في قسم الشؤون المعنوية، وذهبت إلى العراق بتاريخ 11/3/2004 ضمن وفد اتحاد الصيادلة العرب، وكانت قد نالت ليسانس في الحقوق أثناء عملها في الجيش المصري، وزاولت مهنة المحاماة بعد تركها للخدمة العسكرية في عام 1996.
وتشير رابعة إلى أنها في حالة صدمة تامة "لأن الاعتداءات ضد المواطنين من قبل النظام كانت تتم في الخفاء، أما اليوم فإن الاعتداءات وانتهاك أعراض النساء تحدث في الشارع العام وعلى مسمع ومرآة من كبار القيادات الأمنية"، مضيفة أنه من "المخجل ألا يستقيل وزير الداخلية ولا يقدم اعتذارا عما حدث خصوصاً أنه فلاح يعرف معنى الشرف والعرض وماذا يعني انتهاك كرامة المرأة في العلن"، واصفة الوضع بأنه مأساوي، لا لشئ إلا "لأننا طالبنا بالتغيير ومصلحة الوطن. لست الوحيدة التي تعرضت للضرب وتمزيق الملابس فهناك اعتداءات لزميلات أخريات تم تمزيق ملابسهن بالكامل".

ومن جانب آخر تروي الصحفية نوال قصة الاعتداء وتمزيق ملابسها قائلة: "في يوم الأربعاء كنت ذاهبة إلى نقابة الصحفيين لدورة تدريبية في اللغة الإنجليزية والكمبيوتر، ولا علاقة لي بالمظاهرة، فوجدت النقابة محاصرة من قبل قوات الأمن وذلك أمر اعتدناه في الفترة الأخيرة، أوقفني أحد ضباط الأمن بشكل حاد وسألني: ما سبب دخولك النقابة، فأجبته بأنني مسجلة في دورة لغة إنجليزية وكمبيوتر، وليس لي علاقة بالمظاهرة وحركة كفاية، فأشار لي بصورة تهديدية بالدخول، وبدأت أدخل وفي تلك اللحظة أشار إلى أحد أفراد الأمن، ثم وجدت مجدي علام عضوفي الحزب الوطني يشدني من الخلف، وبدؤوا يحاصرونني، حاولت أن أجري فوقعت على وجهي، وبدأت أصرخ وبدؤوا يضربونني ويجذبون ملابسي فمزقوها من الخلف، لأنني كنت واقعة على وجهي، وحاولو تقطيع الجاكت ولم يستطيعوا، فأدخلوا أيديهم وقعطوا البودي تماماً".
وتضيف نوال أنها ذهبت إلى مركز مبارك لحقوق الإنسان، حيث وجدت مجموعة من الناس تعرضوا في المظاهرات لاعتداءات مماثلة "وهناك نصحوني ألا أفتح بلاغا حتى لا أتعرض لضغوط، لكنني رفضت وصممت أن أواصل، وأرسلت نقابة الصحفيين مجموعة من الزملاء والزميلات إلى مركز مبارك وأخذوني للنقابة، ثم ذهب معي مجموعة الصحفيين من بينهم نقيب الصحفيين وبعض الحقوقيين إلى قسم الشرطة، وهناك فتحت بلاغا ضد مجدي علام وضد رجل الأمن الذي أعطاه إشارة للتعرض لي".
وقالت: "حضر معي حوالي 20 من الزملاء كشهود، لكن لم يسمح إلا لأربعة منهم فقط بالإدلاء بشهاداتهم. وتم تحويلي للكشف الطبي، وطالبت النيابة بإجراء مناظرة لملابسي الممزقة لإثبات صحة تمزيقها، لكن النيابة رفضت ذلك بحجة أن الوقت متأخر، ولا توجد سيدة في النيابة يمكنها إجراء المناظرة، وقد أبديت دهشتي من هذا الإجراء لأنه يصب في خانة تضييع القضية".
كما أبدت استغرابها من بيان النائب العام "خصوصاً أنني حددت في المحضر وقائع محددة وذكرت اسماء محددة". ولم تشكك نوال في مصداقية النيابة لكنها توقعت أن تكون النيابة لم تقرأ المحاضر بعد "أتمنى أن تقرأ النيابة التحقيقات من جديد والتي تتلخص في شهادة الشهود في تعرض أعضاء الحزب الوطني لي، وأن ضابط الشرطة أشار لهم بعمل ذلك، وأن الضابط الآخر قام بتهديدها بأنها لو لم تترك المكان فسوف يأمرهم بتكرار فعلتهم".
وعبرت نوال عن أسفها من موقف المركز القومي لحقوق المرأة في مصر لأنه "لم يتحرك في قضيتي ولم أسمع منهم أية كلمة باعتباري مواطنة مصرية ذاهبة لمكان عملها ولم أشارك في المظاهرة، سيما وأن كل المنظمات الحقوقية اتصلت بي، وطلبت مني التنسيق معها". وأشادت نوال بالبيان الذي أصدرته نقابة الصحفيين والذي طالب فيه بإقالة وزير الداخلية والتحقيق مع أعضاء الحزب الوطني الحاكم.
كما أدانت نوال موقف وزير الداخلية حيال قضيتها قائلة "إنه أول وزير داخلية في مصر تحدث في عهده حادثة بهذا الشكل، وبكل هذه الانتهاكات ويظل موجودا في مكانه، ولو حدث ذلك في أي دولة أخرى لتقدم وزير الداخلية بتقديم استقالته".
كما أكدت نوال أنها ستلجأ إلى محكمة الجنايات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان إذا لم ينصفها القضاء المصري. وشددت نوال على أنها ليس لها أي توجه سياسي وليس لها صلة بأي حزب.