أشهر دعاة التطرف في السعودية عبر الإنترنت.. غير سعوديين

باكستاني وعراقي ومصرية

نشر في:

أكدت معلومات أدلى بها مصدر أمني سعودي أنه تم كشف النقاب عن هوية عدد من أبرز نجوم منتديات الإنترنت الأصولية التي يرتادها شباب سعوديون وتروج بينهم الأفكار المتطرفة وتهاجم المثقفين والكتاب والسياسيين الذين يدخلون في اختلافات مع الخطاب الإسلامي الحركي، وكانت المفاجأة أن هؤلاء الكتاب ليسوا سعوديين بل كان بعضهم باكستانيا أو مصريا أو عراقيا في حين أن قراء الموقع سعوديون.

وطبقا لهذه المعلومات التي قالت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أنها حصلت عليها من المصدر فقد تم رصد نماذج من الأسماء الرمزية التي اشتهرت في هذه المواقع، والتي أصبح لمقالاتها ومشاركاتها رواج ومتابعة من قبل رواد هذه المنتديات، حتى اتضحت حقيقة جنسيتهم.
وركز المصدر على مثالين: الأول منتدى الساحة العربية الأصولي، الذي ينطلق من دولة الإمارات العربية المتحدة، والأسماء التي كانت تكتب في مجلة «صوت الجهاد» أو نشرة «البتار»، الإنترنتين واللتين تنطقان باسم القاعدة في السعودية. ففي المثال الأول تبرز أسماء كتاب مثل «لويس عطية الله» أو «فتى الأدغال»، وفي المثال الثاني تبرز «أم أسامة»، وهي الكاتبة التي كانت تحرر القسم النسائي منشورات القاعدة في السعودية والتي عنونت بـ «الخنساء». وكانت أم أسامة تمثل الجناح الإعلامي النسائي في تنظيم القاعدة السعودي، وهي التي نشرت «الشرق الأوسط» معها حوارا بتاريخ 12 مارس (آذار) 2003، قالت فيه إنها قائدة الجناح النسائي في منظمة القاعدة.

ويقول المصدر تبين أن الكاتب المعروف باسم «فتى الأدغال» في منتدى «الساحة» الأصولي، هو شخص باكستاني الجنسية يقيم في السعودية منذ الصغر. وقد مر بمرحلتين في الكتابة، الأولى سماها هو بمرحلة «اختلاط الأمور»، ويرى آخرون انه كان فيها مؤيدا لخط «القاعدة»، والثانية بعد اشتداد العمليات الإرهابية في السعودية، ومن ثم اعتقاله لبعض الوقت، وتميزت بخلق مسافة عن أعمال القاعدة واعتبارها فاقدة للأساس الفقهي السليم، لكن وفي نفس الوقت الاستمرار في نقد ومهاجمة الكثير من الكتاب والمثقفين والإعلاميين السعوديين بشكل حاد.
وأضاف المصدر الذي وصفته «الشرق الأوسط» بالمطلع: "الحقيقة أن فتى الادغال، يبدو للوهلة الاولى انه كاتب سعودي بسبب تركيزه على موضوعات وأسماء سعودية، ولكن الحقيقة أنه باكستاني الجنسية ويقيم في السعودية منذ أن قدم إلى البلاد مع أسرته وهو في السنة الثانية من عمره".
ويتابع: «تم إيقافه لدى الأجهزة الأمنية قبل فترة، على أساس كتاباته التحريضية السابقة في الإنترنت باسم فتى الأدغال، ثم خرج، وبعد خروجه بدأ في التغير الى حد ما». وأضاف: «الرجل منغمس في المجتمع السعودي منذ صغره، وقد طلب العلم الديني على بعض المشايخ السعوديين، وهو يبلغ الثلاثين من عمره الآن، تقريبا، وقد سبق ان تردد على باكستان مرات كثيرة منذ صغره، وفي الوهلة الأولى لا يمكن أن تعتقد انه غير سعودي بسبب معرفته باللهجة المحلية».

ولفت المصدر النظر إلى «أنها ليست المرة الأولى التي يتبين فيها أن بعض كتاب الإنترنت المتطرفين وهم غير سعوديين، فهناك كاتب اشتهر قبل «فتى الأدغال» وهو «لويس عطية الله «والذي نشرت صحيفة عربية تصدر من لندن مقالا له باسمه الحركي هذا، وطبع له كتاب في لندن باسمه الحركي أيضا، ونحن نعرف الدولة التي تقف خلف طباعة الكتاب، ومن كان يحرر مقالاته ويصححها لغويا من بعض السعوديين».
وتابع المصدر: «لويس عطية الله هو شخص عراقي اسمه عمر حديد، ويسمي نفسه احيانا عدنان أو مروان حديد، تيمنا بالاخواني السوري المعروف مروان حديد الذي تصادم مع النظام السوري أكثر من مرة واعتقل ومات سنة 1975، وقد التبس اسمه على البعض بسبب وجود شخص ثالث يحمل اسم مروان حديد، دار عليه كلام، لكنه شخص بسيط وهو سوري ايضا، كان يعمل في ورشة ميكانيكا في مدينة الطائف في السعودية. إذن فالعراقي عمر حديد هو من كان يكتب باسم لويس عطية الله، وقد قتل في العراق».
يشار إلى أن تقارير حكومية عراقية تحدثت عن مقتل مساعد الزرقاوي عمر حديد في مواجهات الفلوجة الثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وينبه المصدر الى انه لا يعني غياب عمر حديد بالقتل، غياب اسم لويس عطية الله، فهناك البعض ممن يشاركونه الرأي والفكر لازالوا يستخدمون الاسم، ولكن بدون النكهة المميزة للويس عطية الله.
وأضاف المصدر: «من المعتاد في بعض الحالات أن يكون المعرِّف (النك نيم) الذي يكتب به الشخص متاحا لاكثر من طرف يعرفون الرقم السري الذي يدخل به الى المنتديات المعنية». ويتابع: «حصل هذا الأمر مع اسم «المتوثب» الذي كان يكتب مشاركات تؤيد القاعدة في السعودية أو ينشر بياناتها في منتدى الساحة، وقد حدد ثلاثة اشخاص كانوا يكتبون بهذ الاسم، ولكن الاسم ظل موجودا وان اختلف الاسلوب بالنسبة للذي يدقق في شكل ومحتوى المشاركة الإنترنتية».

وأضاف لـ «الشرق الأوسط»: «حالة الكاتبة» «أم أسامة»، التي كانت ناشطة ضمن الجناح النسائي لتنظيم القاعدة في السعودية، وغير السعودية، مثيرة للجدل أيضا، فهذه الفتاة هي مصرية في اواسط العشرينات، كانت تقيم في المدينة المنورة ولها اهتمام بالغ بالتواصل عبر الإنترنت مع العناصر الإرهابية، وتلقبت أيضا بلقب أم أسامة، وقد تم القبض عليها منذ فترة، واتضح ان المسألة عندها كانت عبثا خطيرا وتزجية لوقت الفراغ الذي تعاني منه وتلبية لبعض افكارها المنحرفة».
يشار إلى أن بعض المنتديات الإنترنتية كانت قد اتهمت الدكتور حبيب اللويحق المطيري، عضو جميعة حقوق الانسان السعودية، بانه هو «فتى الأدغال»، الأمر الذي نفاه اللويحق في مقال كتبه باسمه الصريح في منتدى الساحة نفسه.
وكان «فتى الأدغال» كتب مقالا بعنوان «ذكريات خاصة جداً» مع «أخو من طاع الله» و«بشير النجدي»، عن العضو «أخو من طاع الله» الذي أعلنت الداخلية السعودية عن القبض عليه في مواجهة أمنية في حي الروابي شرق الرياض، في مايو الماضي. وكشفت الداخلية أن اسمه الحقيقي هو عبد العزيز الطويلعي العنزي، وانه كان يكتب ايضا بمعرف عبد الله بن ناصر الرشيد، وفرحان بن مشهور الرويلي، في مجلة «صوت الجهاد» الإنترنتية، وفي هذا المقال يسرد «فتى الأدغال» ذكرياته مع «أخو من طاع الله» وانه كانت بينهما حوارات وتعاون ضد كتاب الضلال ثم تحسر عليه لما انضم الى صفوف القاعدة التي يعتقد انها قد أخطأت الطريق.
ولاقى مقال «فتى الأدغال» هذا ردود فعل في بعض منتديات الإنترنت، فكتب العضو سندباد في منتدى «دار الندوة» السعودي منتقدا موقف «فتى الأدغال»، وقال: «فتى الأدغال يحاول بمقاله المنشور في الساحة أن يقول انظروا انا اعلن انني كنت اكاتب هذا الإرهابي ولم أكن اعلم انه إرهابي تكفيري مجرم. محاولة ذكيه لاستباق اجهزة الأمن وكأنه ليس لديه ما يخفيه».
وكان من آخر مقالات «فتى الأدغال» في منتدى «الساحة» مقالا هاجم فيه الكاتب السعودي عبد الله بن بجاد العتيبي بسبب انه اشترك في الإشراف على مسلسل الحور العين الذي سيعرض على شاشة "ام بي سي" في رمضان المقبل، ويتحدث عن ظاهرة الارهاب.

وتحت العنوان السابق كتب عبد الرحمن الراشد مقالا في "الشرق الأوسط يتحدث فيه عن خطر مواقع الإنترنت في تأجيج الفتنة بين السنة والشيعة وقال فيه:
«هذا الرجل يجب ان يحز رأسه»، عبارة انقلها عن موقع اماراتي معروف بتطرفه، ظل يعرض لأيام، مع كم كبير من التحريض على العنف بالصور والدعوات المباشرة، اضافة الى تسويق كره الآخرين لأنهم شيعة او كفار بأقبح النعوت. بمثل هذه المواقع تمطر منطقتنا ثقافة التطرف بإرهاب ودعوات صريحة، ستقود الى حروب اهلية بين الناس. وأنا استغرب تماما ان يترك القضاء الاماراتي او الانظمة الادارية في كل الدول العربية مثل هذه الطروحات تباع لسنوات دون محاسبة. فالعبارة اعلاه لو قيلت في أي مكان في اي بلد يفاخر بالحريات، لحوكم قائلها وناشرها علانية، وأوقعت بالمذنب عقوبات قاسية. نحن في مجتمع في حالة نمو يحمل معه ارثا سيئا من الخلافات التاريخية والمعاصرة، وفي احشائه حراك سياسي بالغ الخطورة وسيكون كذلك ان لم يتم توجيهه، الا من خلال هذه المجالس الإنترنتية، التي لا تحترم ثقافة الاختلاف كما ينبغي، بل تعتبر التكفير والدعوة للقتل حريات قول عادية.
فما كتب ضد الشيعة والسنة في هذه المواقع بكل تأكيد سيدفع المنطقة الى صدام لا فكاك منه، لأنه فكر يتم بيعه ونقله والترويج له ودعمه. وكما نرى يقسم الناس علانية الى فئات تتحول الى معسكرات متحاربة بالرأي والدين والتحزب. لمصلحة من تترك المواقع تذيع بيانات وتظهر افلاما وتفتح الساحة للتحريض المباشر؟ لمصلحة من هذا الاهمال؟ في وقت تتجمع علامات الحرب الاهلية في العراق قاسمة الناس بين شيعة وسنة!
بكل اسف لا يمكن وصفه الا انه جهل بمخاطر ما يدور في هذه المواقع المتروكة لفئتين من الناس، مشاركين ومعظمهم من الشباب، ورجال أمن يرصدون المشاركين بحثا عن معلومة او اسم بعينه. الأولى جماعة شاردة تتقاذفها فئات منظمة او جاهلة، والثانية فريق له اغراض آنية فورية ليست وظيفته حماية الايام المقبلة لأنها وظيفة القياديين لا العسكر.
ما يحدث في المنطقة العربية على مستوى الإنترنت، هو اخطر مما يفعله الزرقاوي في العراق او بن لادن في العالم، لان خطر هذين يمكن محاصرته مهما طال الزمن، طالما امكن حصار الجماعات في زاوية من المجتمع. جيل التحريض الإنترنتي هم بمئات الآلاف، شباب في معظمهم ينقسمون بشكل واضح ضد بعض الى شيعة وسنة، ومسلمين وكفار، وأهل حق وأهل باطل، فكيف يمكن انقاذهم، بل وكيف سيتم انقاذ المجتمع من شرورهم غدا؟
انها مسؤولية الحكومات العربية، التي تعتبر ان كل من لم يمسها بذم في الإنترنت لا خطر عليها منه، غير مبالية او مدركة حجم الضرر الذي سيصيبها ويصيب المجتمع من جراء هذا الانقسام الكبير. بسببها وبسببهم نحن نسير باتجاه حرب طائفية وفكرية، طالما انه لا توجد قوانين تحاسب المحرضين.