صناعة الموت: قضية عاصم حمود

نشر في:

اسم البرنامج: صناعة الموت
مقدم البرنامج: ريما صالحة
تاريخ الحلقة: الجمعة 13-3-2009

ريما صالحة: عاصم حمود شاب لبناني تركزت عليه الأضواء بصورة مفاجئة في صيف عام 2006 بعد أن جرى اتهامه بأنه يقود شبكة إرهابية لتفجير عدة أهداف حيوية في الولايات المتحدة. واليوم وبعد أكثر من عامين ونصف من التحقيقات خرج عاصم من خلف القضبان ولو بكفالة. وقابلناه مع عائلته لنعرف كيف يمكن لشاب عادي مثل ملايين الشبان العرب أن يجد نفسه متهماً في قضية بهذا الحجم؟ حلقة جديدة من صناعة الموت. أحييكم.

ملخص قضية عاصم حمود

ريما صالحة: في مايو عام 2006 خرجت الصحف ووسائل الإعلام تحمل خبر القبض على الشاب اللبناني عاصم حمود بتهمة التخطيط لتفجير أنفاق بنويورك وواشنطن. وقتها تسابقت أجهزة الإعلام على تغطية الحدث الذي بدا مثيراً خصوصاً مع الصور التي نشرتها الصحف لعاصم أو الذئب المتوحد أو الأمير الأندلسي كما أطلق عليه الإعلان. وكانت تصور شخصاً منفتحاً يبدو بعيداً جداً عن صورة الإرهابي المتشدد التقليدية. مفاجأة القبض على عاصم حمود كان لها وقع ثقيل على عائلته، وبخاصة والدته التي قضت أكتر من عامين في الانتظار ولم تفقد الأمل للحظة واحدة، أن اللحظة التالية ستجده قادماً يطرق عليها الباب ويعيد إليها الحياة. وكان عليها أن تنتظر أكثر من عامين قبل أن تحين هذه اللحظة.
ريما صالحة: دكتورة نبيلة أنا سعيدة أنها المرة الثانية بلتقي فيكِ، ولكن هالمرة بلتقي فيكِ وأنتِ مرتاحة الحمد لله.
د.نبيلة قطب: الحمد لله.
ريما صالحة: بعد جهد جهيد. وبعد طبعاً أنا بعرف أديش يعني قضّيتي في قضية عاصم. وشكراً للمرة الثانية على استقبالك لإلنا بالعربية، وأنا بعرف أنك أنتِ ما تكلمتِ للإعلام، ولحتى الآن ترفضين أن تتكلمي للإعلام. وشكراً كمان لأنك أقنعتِ عاصم بأن يتحدث لإلنا، رغم أني أنا بعرف يعني هو كان رافض وما كان حابب، صفحة وكان حابب يطويها، ولا كان حابب يحكي فيها. أولاً يعني كيف تلقيتِ خبر إطلاق سراح عاصم؟
د. نبيلة قطب: الحمد لله الحمد لله. فعلاً لما دريت أن عاصم رح يخلو سبيله يعني ظليت ثلاثة أيام أركض لحتى خلص المعاملات، لقيتهم كتير طوال، بعدين لما طلعت لعنده لفوق هو ناطرني على الشباك، شافني ما معي الكيس. قلت له هيك (تشير بيديها) رح تطير، ما فهم، رجعت عملت له هيك (تشير بيديها) صار ينط. بقى رجعت هيك وانتظرت وقت طويل كمان لحتى طلع أخذ الشنط ونسي وأنا واقفة تحت لبين بتعرفي، اتصالات ولسه ولسه والحمد لله لما جيت عالبيت ما كنت مصدقة وكنت فعلاً..
ريما صالحة: قال لي عاصم أنه بنفس اليوم اللي أطلق سراحه بعد أن ذهب للمكان اللي يعني تم توقيفه فيه وعودته أخذك عشّاكِ.
د. نبيلة قطب: أي تعشينا بره إي.
ريما صالحة: شو عنى لك هذا العشا بعد سنتين ونص من التعب.
د. نبيلة قطب: هيكِ بتحسي أنك أكلتِ لقمة هنية مبسوطة فيها، حدن عم.. ما هي السعادة تشارك، يعني ما أنت بالله بتقعدي بتاكلي عالصينية قدام التلفزيون، بينما قاعدة معك روح منك وفيكِ عم تتحدثي بتاكلي بسعادة.
ريما صالحة: الآن عاصم عندك. ابنك رجع لك.
د. نبيلة قطب: الحمد لله.
ريما صالحة: الحمد لله. شو اللي بدك تقوليه للمجتمع؟ شو بدك تقولي أيضاً لعاصم عن الفترة اللي قضاها سنتين ونص، وقال لي أنه كان في سجن انفرادي.
د. نبيلة قطب: كتير صعب.
ريما صالحة: شو بدك تقولي لأخواته حتى؟
د. نبيلة قطب: أولاً المجتمع ظلمه لعاصم، لأنه يعني موجة إعلامية ومشيوا معها، والكل يعني سمعوا ما سمعوا تأكدوا ما تأكدوا عم بيعيدوا القصة بيعيدوا القصة وما متأكدين ولا عارفين شو في. وهو يعني كان متعاون معي أني أنا لما أطلع كل يوم أزوره، طبعاً أقوّي له معنوياته، وأنا كمان يعني متل ما بيقولوا هو يأخذ شحنة وأنا آخذ شحنة، رغم أني أطلع متأثرة أني أنا عم بترك وراي ولد ورا القضبان وهول ما تعودوا ينحبسوا، يعني متل ما قال لك أن والده أنه كان يودّيهم شمال وشرق وجنوب وغرب، يعني الأولاد ما انحسبوا، يعني بحياتهم حتى اللي.. وعيشتهم ما كانوا.. كانوا أحرار كانوا منطلقين كانوا عندهم شخصيتهم، ما كان في.. هيدي كتير صعبة، يعني أنا الحمد لله، الله قوانا هو قوي وأنا الله قواني، لحتى استمرينا وانتهت.. لأنه بس أنا كوني أكيدة كوني أكيدة كل يوم كل يوم لما بقوم لصلي قبل ما بصلي بدعي وبصلي للأمهات وللمساجين الله يصبرهم ويفك أسرهم، يعني أنا شفت كتير مآسي وكتير أصحاب طلبوا مني أكتب مذكراتي، كتبت شوي بس بعدين لقيت حالي أنا كتير عم بتأثر لما عم بكتب. يعني مرة قدمت خدمات للمعوقين أعمال فنية علمتهم هيك، رحت يمكن عشر مرات، بعدين قال زوجي: ما بقى تروحي، تأثر بيتي، وتأثرت، ما بالك كل يوم كنت أطلع شوف أطفال وحوامل ويعني كتير أشيا شفتها، شفت أشياء كثير.

تجربة وخلاصة بلسان والدة عاصم

ريما صالحة: شو التجربة؟ هذه التجربة ماذا.. يعني سلسلة حياة طويلة عشتيها دكتورة نبيلة، شو هيدي التجربة اللي طلعتِ منها، الخلاصة اللي طلعتِ منها؟
د. نبيلة قطب: طلعت منها أن زوجي ضل يقول أن الحياة بتعلم، بس ما كنت متصورة هيك درس!! يعني ظل يقول لي: رح تتعلمي بحياتك؟ رغم أنه أنا تزوجت كتير صغيرة، وكملت دراستي وأنا متزوجة ومع أولادي، ودائماً زوجي الله يرحمه يقول لي: رح تظلّك تتعلمي. بتظلّها هالكلمة هيكِ بتطنّ. فعلاً عم بتعلم. كل لحظة لما بطلع من البيت بتعلم من الناس اللي بشوفهم على الطريق، من اللي بطلع معهم واللي بحاكيهم بتعلم منهم، من الصغير والكبير يعني.
ريما صالحة: هل كنتِ بيوم من الأيام تتوقعين أنه يصير عندك مثل هذه المشكلة؟
د. نبيلة قطب: لأ أبداً. أبداً أبداً. ولا بشكل من الأشكال حتى لما كنت شوف عالتلفزيون كنت كتير أتأثر وغيّر لمحطة، يعني أقول الله ما يبلينا، لأنه كتير شي صعب، ويعني الله متل ما بقولّك عم بدعي لغيري هلأ أنا. الحمد لله أنا الله خصلنا إن شاء الله الله بخلّص الباقين.
ريما صالحة: طبعاً يعني كنا في منزل آل حمود مع عائلة عاصم، والدته التي عانت الكثير طبعاً في هذه القضية في قضية ابنها، وعاصم وخطيبته وفريق العمل عموماً. سنتابع بعد فاصل قصير: ماذا يقول عاصم حمود بعد أن خرج من السجن؟ هل يحمل مرارة ضد المجتمع أو ضد الإعلام الذي أطلق عليه ألقاباً مثل: الذئب المتوحد وأمير الأندلس. نتابع بقية القصة بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
ريما صالحة: رغم أن عاصم حمود خرج من السجن بكفالة، إلا أن قضيته ما زالت معلقة، يبقى بريئاً حتى تثبت إدانته، ولكن الاتهام ما زال قائماً والقضاء وحده هو الذي يقرر. وإلى أن يصدر القرار عاد عاصم إلى حياته وعائلته وسيارته وطرقات بيروت التي اشتاق إليها.

غلط أدى إلى سجن سنتين ونصف

عاصم حمود: عاصم حمود توقفت في 24/4/2006، كان يوم مشمس وكان ربيع. يعني من أمام عملي. توقفت بإحدى الطرق يعني الاستخباراتية، طريقة التوقيف، على أساس أنه سيارة.. في غلط بالسيارة، النمرة غلط، تم توقيفي على هذا الأساس، وبقيت موقوف مدة سنتين ونص، فلم أفقد الأمل بيوم من الأيام بكل فترة توقيفي، أني رح أطلع من الحبس، كنت دائماً متفائل أني رح أطلع.
ريما صالحة: شو التهمة عاصم اللي كانت موجهة إلك؟
عاصم حمود: كنت متهم بالإرهاب الدولي.
ريما صالحة: هل تفاجأت بهذه التهمة؟
عاصم حمود: الصراحة طبعاً تفاجأت، يعني هيك تهمة!! يعني اتهمت شي بالرجل الثالث في تنظيم إرهابي. فطبعاً أنا بجي من بيئة أهلي يعني تعبوا علي وقضوا طول عمرهم بتربيتي، مش لأكون متهماً أني أنا يعني بفكّر بقتل الأبرياء وقتل الناس. أنا شخص أكاديمي، شخص متعلم، أهلي ضحوا سنين بتعليمي، وأنا بشتغل بالتعليم وبشتغل بالاستشارات المالية. يعني ما إلي أي عمل لا عسكري ولا سياسي، ولا يعني ضبط سرعة ما عليّ أنا هون، لا بلبنان ولا بمحل بالعالم. طبعاً كانت هذه أكبر مفاجأة، عدا التوقيف التهمة كانت أيضاً مفاجأة لإلي.
ريما صالحة: طيب. قلت لي أنك توقفت في 24/4/2006 من أمام مركز عملك، وإحنا بنعرف أنك أنت تدرّس في الجامعة، عندما توقفت شو شعرت عاصم؟ شو الشعور اللي انتابك؟ شو الفكرة اللي وردت على راسك؟ لما قالوا لك هيك تهمة يعني شو أول شي فكرت فيه، خاصة أنك عم تقول لي هيك تهمة من الصعب جداً أن يتقبلها إنسان وخاصة إذا كان شاعر من داخله أنه هو مظلوم ولا له علاقة بكل هيدا الموضوع؟
عاصم حمود: الشعور اللي شعرته. قلت أنا شخص رح أكون مظلوم بأول الطريق. كانت مفاجأة وكانت صدمة، يعني أنا أول شي عم بتوقف على شي ما عارف شو هو، وجررت للتحقيق، بعدين أمام القضاة والقضاء أتفاجأ بالتهم، فأدركت بهاللحظة أني رح أكون شخص مظلوم، وشخص بدي أفتش عن براءتي لأثبت للمجتمع وللقضاء وللعالم أن عاصم شخص مظلوم. في بداية الأمر يعني فكرت قلت أنه تشابه أسماء أو خطأ أو يعني.. في شي غلط يعني. في شي غلط. بس لما مدت فترة الاعتقال وبدأ الإعلام بالتحدث وبمداولة موضوع عاصم حمود استدركت عندها أنه صار في سوء تفاهم، أو في يعني توجه لمحور قضية عاصم من منطلق هالخطأ.
ريما صالحة: طيب إذا رجعت إلى عاصم الطفل، إذا رجعت لبيئتك، البيئة اللي نشأت فيها، والتربية اللي يعني أنت تربيتها، شو ممكن يعني.. مين عاصم حمود؟ مين عائلة عاصم حمود؟ وين تربيت؟ وين عشت؟ وين تعلمت؟
عاصم حمود: رح تجدي الطفل المرح بعاصم حمود. عرفتِ كيف؟ الطفل اللي ما بييأس، طبعاً يعني اللعب والشيطنة والمرح كان دائماً بأجندة عاصم حمود طول طفولته، يعني بعد الدرس كان الهدف الأساسي كيف ننبسط نحنا والأصحاب والعيلة وإلى آخره. طبعاً أنا خلقت وعشت بالسعودية يعني 16 ، 17 سنة، ويعني كانت طفولة طبيعية جداً، كان الوالد دائماً حريص على اكتشاف الثقافات والحضارات المختلفة، فكان كل سنة يبعتنا لمشارق ومغارب الأرض، لنروح نتعرف عالناس، كان كل سنة نروح نعيش مع عائلة نشوف كيف بيعيشوا، كيف الناس بتتعامل مع بعضها، نتعلم لغات، كان دائماً بالصيف يشددوا أهلنا علينا نتعلم لغات، نتقبل جميع الناس، يعني ما في حدا أنه ينتمي إلى هيدي الجنسية أو لهذه الديانة أو لهذا المجتمع أنه هذا شخص خطأ، لأ. بتتعرف عليه وبتعاشره بعدين بتصير تعرفه. فعلى على هيدا الأساس ربينا، نحب الناس والناس دائماً تحبنا، وبيتنا دائماً مفتوح للجميع، بيتنا وقلبنا مفتوح للجميع. فهيدا هو عاصم. هلأ طبعاً بالموقوفية واحد بيكسب أشياء وبيفقد أشياء.
ريما صالحة: طيب. عاصم التهمة كانت تتعلق كما ذكرنا بالولايات المتحدة الأميركية وتحديداً تفجير أنفاق بين نيوجيرسي ومنهاتن، وأنت قلت لي أنك أنت ما بتعرف أصلاً ولا زاير يعني أميركا. هل عاصم حمود الشاب - كشاب عم بحكي - هل أنت تكره أميركا والشعب الأميركي؟
عاصم حمود: طبعاً أنا لا أكره الشعب الأميركي، ولا.. ليش بدي أكره أميركا؟ يعني إذا في مثلاً خلاف بيني وبين شخص على الصعيد الشخصي يبقى على صعيد شخصي، بس أنا ما.. بالعكس يعني كان عندي أصدقاء بالجامعة أميركان، ويعني معارف أميركان، فلا أكره الأميركان لأ. ولا الشعب الأميركي. وأنا احتكاكي مع الشعب الأميركاني لقيته.. الشعب العام طبعاً لقيته شعب محب، يعني محب للعيشة وللحياة محب للجيرانه، يعني بيحب الكل، يعني ما عنده هالحقد على الشاب العربي، ولقيته كمان شعب مسامح، شعب مسامح ويتقبل غير حضارات. هذا بالنسبة للشعب.
ريما صالحة: طيب. هلأ لما أجت التهمة أنه أنت عن طريق الإنترنت مع شبكة لحتى عملية تفجير في الولايات المتحدة، شو كان موقفك يعني؟ أنت شو قلت؟
عاصم حمود: يعني وقتها كنت أصريت أنه هناك يعني صار في خطأ، في خطأ، في سوء تفاهم، في يعني في شي غلط بهيدي التهمة اللي توجهت لإلي. هيدا كان موقفي. وطلبت يعني بالتحقيق، طلبت من المحامي أن يثبت براءتي من هالموضوع.
ريما صالحة: طيب بشكل مباشر ودقيق. عاصم حمود يعتبر نفسه بريئاً أم مذنباً أم غرر به أم ممكن كان يعني عملياً مش فاهم اللي عم يصير؟
عاصم حمود: عاصم حمود شخص بريء، وبريء أكيد متل ما أنّي من حالي واقف هون قدامك عم بعمل هالمقابلة 100%. انظلمت؟ نعم انظلمت. بس عاصم حمود شخص بريء، وإن شاء الله سوف تشرق شمس البراءة وتظهر للعالم كله.
ريما صالحة: ما أول ما ستفعله يعني إذا ثبتت براءتك في المحكمة؟ هل يعني ستطالب الولايات المتحدة حتى بقضية رد اعتبار ربما أو مثل هذا الأمر؟
عاصم حمود: يعني..

تجربة السجن تعلم النسيان

ريما صالحة: أم ستكون متسامحاً مع الجميع ورح تقول صفحة وانطويت؟
عاصم حمود: يعني الخبرة اللي مريت فيها، بدك تتعلمي تسامحي وتنسي، لأنه اللي بحطّ بقلبه وبيحقد ما بينسى طول عمره، فكابوس مر سنتين، مر وخلص، يعني شي سكرت عليه وغلط بحقي فسوف أكون متسامحاً. يعني طبعاً أنا عندي ثقة بعدالة القضاء اللبناني، وإن شاء الله القضاء اللبناني بيعطيني حقي. بس شي صار يعني وكمان يعني مش بس من جهة الحكومة الأميركية، بس في أشخاص كانوا قلمهم أشد من السيف، عرفتِ كيف؟ يعني وقعت فريسة تحت أيديهم.
ريما صالحة: يعني إلى أي مدى ظلم الإعلام عاصم حمود؟ طالما نتحدث عن الأقلام ونتحدث عن المنابر الإعلامية.
عاصم حمود: إلى أقصى حد. الجميع تحدث عن تهمة عاصم حمود. بس ما حدا سأل - مثل حضرتك - حدا سأل: من عاصم حمود؟ الجميع قال: هيدا الناتج. طيب تأكدوا شوا كان المعطى، شو هي كانت المعطى لدى عاصم حمود، تأكدوا قبل. يعني ما حدا يعني ما حدا كذب خبر، ما حدا كذّب خبر وخاصة هون بلبنان، يعني لدرجة وصلت إلى حد أنا لا أقرأ الجرايد، خلص يعني مصداقية الجرايد راحت مني كشخص. ما حدا جاء وسألني: أنت شو بتشعر؟ أو أنت شو موقفك؟ أو مين أنت بس خلينا نشوف بس خمس دقايق بحياة عاصم حمود كيف؟ لنتأكد قبل ما يكتبوا كلمة واحدة هالشخص مذنب بريء أو مظلوم بس تأكدوا خمس دقايق.
ريما صالحة: طيب بس ألا تعتقد أن الإعلام ربما يعني هو يتناول مع الموضوع كمادة، مادة جاءته، لن أعمم يعني ولن أظلم ولن أتحدث عن باقي القنوات الإعلامية أو الجرائد، ولكن ألا تعتقد بأن الإعلام تعاطى مع الخبر كحدث ربما؟
عاصم حمود: أنا أجد صراحة يعني الإعلام شوي موضة، وخاصة بلبنان، أول شي ما بيفوتكم شي، يعني بتعرفوا الخبر أسرع منا، يعني موجة، موجة والجميع لحقها، للأسف يعني ما عنا هون بمجتمعتنا، لدينا الثقافة بس ما عنا نطبق أن يكون عندنا موقفنا بالتفكير واتخاذ القرار، مش لأنه جاء خبر من الخارج نتبعه، لأ. نحن يكون عندنا استقلاليتنا بإعلامنا ويكون عندنا يعني وجهة نظر كيف نحكم على الأشخاص.
ريما صالحة: يعني أنت كان بدهم يتحققوا منو هيدا الشاب؟ شو تاريخه؟ شو تاريخ أهله؟ شو التهمة الموجهة لإلو؟ وما يصدروا أحكام قبل ما القضاء أصلاً يصدر الحكم.
عاصم حمود: مظبوط يعني الإعلام استعجل قبل القضاء ما يحقق معي بعد يعني!! تمنيت صحفي واحد يجي يتفضل عندي فوق ويزورني بموقوفيتي ويقول لي: شو صار معك؟ ما أجاني ولا صحفي. مع أنه للعلم أن القضاء اللبناني بيسمح بهيك شي.
ريما صالحة: طيب. إذا ما عدت إلى.. هاي نحنا زرناك بصناعة الموت.
عاصم حمود: أهلا وسهلا فيكم.
ريما صالحة: إذا ما عدت عاصم لفترة مسجونيتك، فترة سنتين ونصف طبعاً قضيتهم في السجن، فترة ليست بالقليلة، شو تعلمت من هذه الفترة؟
عاصم حمود: هي بالانفرادي كنت. موضوع بالانفرادي. وتعلمت..
ريما صالحة: كل السنتين ونصف بالانفرادي؟
عاصم حمود: بالانفرادي. تعلمت عدة أشياء. بتقولي يا ليتني تعلمتها من قبل. بس ما بتتعلميها بالحياة، بتتعلميها لما تصيري بهيك موقف، بتتعلمي الصبر، بتتعلمي الفكر يغلب على العاطفة، مش العاطفة تتغلب على الفكر، أحسن ما تنهاري، وفاقد الشيء لا يعطيه، لما حريتك تنسلب منك نهار واحد، بس نهار واحد، بتعرفي قيمة الحياة، بتعرفي قيمة لوقتك الضائع، شو بدك تعملي ببقية حياتك، بس لو ساعة واحدة بني آدم بيمرّ اللي مر فيه عاصم أو نهار أو أسبوع بغيّر مسلك حياته يعني 180 درجة.
ريما صالحة: كيف كنت تقضي وقتك؟ يعني أنت بانفرادي، وسنتين ونصف، يعني إذا بدي أحسبهم، السنة 12 شهر، والشهر 30 يوم ويعني فترات طويلة..
عاصم حمود: في بادئ الأمر كان أمر صعب جداً. بعدين فكرت يعني مين شخص مر بنفس المرحلة اللي أنا مريت فيها. ووقتها أنا صرت يعني أعجب بهيك أشخاص. مثلاً نيلسون منديلا، فكرت قلت: هيدا شخص مش سنتين ونص، قضاها عشرات السنوت طول عمره، أيه، وهو ابن بلد وظلم، صرت فكر بهالشخص، كيف هالشخص قدر يعيش يوم بعد يوم؟ فبلّشت أطلب كتب طبعاً من والدتي كانت دائماً تيجي وتزورني. بلشت أطلب منها كتب. فصرت علم حالي أنا وموقوف، وأدرس وأتعلم، يعني كان اليوم حافل ومليء بالقراءات وبالدراسات، ويعني تابعت يعني ما طلعت متخلف، طلعت متقدم، يعني الأشياء اللي تعلمتها بالدرس ما بيتعلمها شخص بسنتين بالجامعة.
ريما صالحة: هلأ أنت خطبت مبروك عليك.
عاصم حمود: ميرسي. شكراً إلك.
ريما صالحة: بس شوي أنا بدي أتحدث معك على تجربة الخطوبة، كيف صارت؟ شو ممكن تقول لنا عنها؟ بعرف أن الصبية اللي خطبتها كنت حابب تخطبها قبل ما يصير عندك هيدي المشكلة وتتعرض لما تعرضت لإلو وعدت وارتبطت فيها.
عاصم حمود: هو ليكي الصراحة، النهار اللي توقفت فيه كنت رايح شوفها، وآخذ لها يعني 3 ورود، وحدة حمراء ووحدة بيضاء ووحدة زهر، لشوف أيّهن رح تنقّي هي، يعني إذا الأحمر بتحبني، إذا الأبيض يعني بترفض، وإذا الزهر بتغار، فتوقفت نهاريتها، ويعني سألت هي عني وضليتني..
ريما صالحة: ما قدرت توصّل لها الوردة؟
عاصم حمود: ما قدرت وصلها الوردة. وضلهن يعني بعد ما طلعت من الحجز ضلوا بالسيارة لما سلموني ياها، ضلهن يابسين 3 سنين. فبعد ما طلعت من الموقوفية ومن المعتقل اللي كنت فيه عدت لنفس النقطة اللي توقفت فيها. وهيك غمّضت عيوني دقيقتين تلاتة وتذكرت كل شي كابوس وقلت هلأ بتفتح عيونك بتكمّل حياتك من هون، ما كأنه شي صار، أنت شخص واثق من حالك، أنت بريء، أنت انظلمت، وخلص سامح. وفتحت عيوني ورجعت رحت على محل الورد وأخذت لها ياهن..
ريما صالحة: الـ3 وردات هنّن ذاتهن؟
عاصم حمود: هلأ هي أخذتهن كلياتهن، الحب والصداقة والغيرة.
ريما صالحة: طيب أديش كنت تفكر فيها حتى يعني بداخل السجن؟
عاصم حمود: هي بداخل السجن بتفكري بالأحباء، وبتفكري باللي دائماً كانوا معك، هدول أكتر شي بتفكري فيهن، فبتصيري بتفكري إذا مثلاً شخص مثلاً غلطتِ معه كيف تعتذري له، بس تطلعي كيف تحسني موقفك معه؟ كيف تحسني بحالك؟ فطبعاً يعني الشوق شي.. الشوق شي كبير.
ريما صالحة: طيب. خفت إنه مثلاً بعد ما خرجت من السجن إنها ربما ترفض الارتباط فيك بسبب هيدي القضية؟ أو يمكن هي تخاف أو كنت واثق إنه يعني رح توافق على الخطوبة؟ أو كنت خايف مثلاً إنه عرفت إنه ما كان في اتصال بينك وبينها لتكون ارتبطت وتزوجت أو سافرت؟
عاصم حمود: ليكِ اللي بيعرف عاصم، ما بيتخلى عن عاصم.
ريما صالحة: هاي ثقة بالنفس كتيرة.
عاصم حمود: يعني أصحابي..
ريما صالحة: وينها سامعة هلأ؟
عاصم حمود: أصحابي من 15 و20 سنة بعدهن لهلأ أصحابي، يعني بجوز عدد أصحابي مش كبير، بس يعني الصديق للعمر، الصديق للعمر، وبيعرفوا أن اللي بيعرف عاصم، عاصم بيقرؤوه كتاب مفتوح، ما بيخفي شي ولا بيحط شي بقلبه..
ريما صالحة: يعني أصدقاءك هون حتى ما خافوا من هيدي القضية؟
عاصم حمود: ما خافوا. بعدهن أصدقائي إلى الآن. وبشوفهن دائماً كل أسبوع. وعاصم كتاب مفتوح. اللي بقلبه على لسانه. وما بيكره حدا. يعني مافي نهار حطيت راسي على المخدة وقلت أنا كرهان فلان الفلاني، حتى لما كنت موقوف، كنت حط راسي..

موقف عاصم من فكر القاعدة

ريما صالحة: هل عاصم بشكل مباشر، بس أتمنى أن تجاوبني بشكل مباشر، هل أنت تؤمن بفكر القاعدة أم تكره القاعدة؟ أم ما بتعنيك القاعدة لا من قريب ولا من بعيد؟
عاصم حمود: ما بتعنيني. يعني أنا ما إلي دخل بالقاعدة. بس أنا لما أتهم بهيك تهمة صار علي واجب أعرف ليش أنا اتهمت بالقاعدة؟ إنه شو اللي بيربطني؟ يعني أنا بتمنى على المجتمع الدولي يجوا يحددوا لنا شو هو الانتماء للقاعدة؟ هلأ إذا واحد تضامن مع إخوانه بفلسطين ونزل مظاهرة وقال رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني صار قاعدة؟ إذا كان القاعدة قتل أبرياء وتفجير باصات وإرسال أولاد انتحاريين ليروحوا يقتّلوا حالهن بين مدارس الأولاد، هادا طبعاً إرهاب يعني، ما حدا بيرضى فيه، لا عاقل ولا مجنون بيرضى فيه.
ريما صالحة: طيب. عاصم أنت قلت لي طبعاً نقطة كتير مهمة: إنه كل إنسان عاقل يرفض العمليات الانتحارية، يرفض قتل الأبرياء، يرفض أن الإنسان يفجر نفسه بس تحت مسمى معين فقط لقتل الأبرياء، إلى أي مدى هيدا الموضوع أيضاً أثر فيك إنه كانت التهمة هي تفجير يعني بمعنى قتل أبرياء؟
عاصم حمود: أنا هيدا طبعاً أثر فيي، صرت أسأل نفسي، إنه هل معقولة أنت لديك فكر إجرامي وما بتعرف هالشي؟ هل معقول أنت عندك انفصام شخصية وما عارف حالك؟ طبعاً هيدا شي يؤثر فيي، إني أنا اللي ما بضرب حدا، اللي ما بؤذي حدا أتهم مش بقتل وليس بإجرام بل بإرهاب؟ إرهاب بقتل الأبرياء؟ شيء أرفضه. يعني أنا حتى أرفض التهمة هيك تهمة توجه لي، أرفض هيك تهمة.
ريما صالحة: طيب. بعرف أنا خلال يعني فترة السجن خبرتني إنه حتى ما كان حدا يزورك وعتبان على يعني ولا شيخ من مشايخ الدين كانوا يجوا لعندك، وذكرت لي إنه فيه مرة مطران إجا زارك في أحد الأعياد، شو ممكن تحدثني عن هذا الأمر؟ ولماذا لم يكن هناك يعني مشايخ يتعاطون معك أصلاً؟ ونحنا منعرف إنه فيه عادة لجان مسؤولة عن المساجين داخل السجن، هل هناك جواب معيّن أعطي لك؟ هل طلبت حضور أي من مشايخ الدين لزيارتك؟
عاصم حمود: أنا طلبت باستمرار من دار الفتوى، إنه طبعاً كنت بالانفرادي ويحق لي أنه يجي يزورني رجل دين، أياً كانت ملتي بلبنان يعني..
ريما صالحة: ليش كنت بدك رجل الدين يزورك؟
عاصم حمود: أول شي، واحد عم يجي يزورك عم يجي يزورك ويقعد معك ساعة ساعتين بالانفرادي، شي بتنبسطي فيه، تانياً يعني شخص ونيس، تالتاً إنه غيري بيجيه رجال دين ليش أنا ما يجيني رجال دين؟
ريما صالحة: يعني من ناحية فكرية دينية كمان ليوعّيك وتتثقف دينياً وتتحاور دينياً معه؟
عاصم حمود: مظبوط. فللأسف ما إجاني حدا من دار الفتوى. يعني بكل أسف لم يأتِ أحد. مع إني أنا راسلت دار الفتوى أذكر برمضان، أخبرهن أن الوالدة كانت عاملة عملية لأسبوع وطبعاً كان هنيك بالموقوفية كان أنا مسؤول عن طعامي يعني، الوالدة تجيب لي أكلي والماء طبعاً أنا بشتريه، فطلبت إنه حدا من دار الفتوى يطلع إنه ما في عندي حدا يجي يجيب لي أكل وطبعاً كانت القوانين المحطوطة عليي والشروط إنه فقط الوالدة مسموح إدخال الطعام، ما مسموح أي حدا غريب. فيعني وقتها أضربت عن الطعام لمدة أسبوع. دار الفتوى ما أمن لي شي، يعني ولا تمرة حتى، يعني قال لي تفضل هاي رمضان الدنيا صيام شهر الإكرام تفضل هاي تمرة فطار عليها، لم تقدمها دار الفتوى..
ريما صالحة: كنت تصوم برمضان؟
عاصم حمود: طبعاً. كنت صوم برمضان. فلم يقدمها دار الفتوى يعني.
ريما صالحة: طيب ليش شو السبب؟
عاصم حمود: هيدا سؤال أنا بحب دار الفتوى يجيبني عليه. أو متحدث بدار الفتوى، أو عالقليلة رجل دين مسلم يجي يقول يا أخي نحنا فيه عنا كان شاب مسلم موقوف، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، إن كنت فعلاً إرهابي أو كنت بريء، أنت رجل دين المفروض تتعاطف معي، أنت شغلتك داعية تجي توقف جنبي، يا أخي تعال ناصحني، تعال شوف بركي أنا فعلاً إرهابي حاكيني، أو فعلاً أنا بريء، ليش ما بيجيني حدا من دار الفتوى؟
ريما صالحة: وبعد خروجك كمان يعني لم يزرك أحد من المشايخ على القليلة كما قلت يعني عملية انخراطك في المجتمع، عودة انخراطك، فكرك، الاطلاع على.. ما زارك ولا حدا؟
عاصم حمود: لم يأتِ أحد من دار الفتوى. أبداً. الأشخاص الوحيدين اللي جاؤوا وزاروني كان الصليب الأحمر الدولي جنيف، هيدا الشخص الوحيد اللي إجا وزارني فقط لا غير. وبناء على طلب مني، طلب مستمر وملح إنه يجي يزورني.
ريما صالحة: وقلت لي في أحد المطارنة زارك؟
عاصم حمود: إيه أحد.. مطران بيروت إجا زارني وعايدني بعيد الأضحى، كان وقتها عيد، وإجا عايدني، كان عم بيقوم بجولة على السجناء، وجاء عايدني، هيدي هي فقط الزيارتين اللي صارت لي.
ريما صالحة: طيب عاصم بعد خروجك من السجن، لما أبلغت بالإفراج عنك، شو كان شعورك؟
عاصم حمود: عصفور، شفتِ كيف؟ يعني حياة جديدة بلشت من أول وجديد.
ريما صالحة: إيمتى تم إطلاق سراحك عاصم؟
عاصم حمود: ما بذكر.
ريما صالحة: غريب متذكر يوم توقيفك..
عاصم حمود: 23..
ريما صالحة: أي شهر؟
عاصم حمود: 6.. 23/6/2008..
ريما صالحة: ونزلت على البحر؟
عاصم حمود: إيه نزلت تمشيت على الكورنيش، وقلت بدي أكتشف بقية لبنان اللي ما اكتشفته، فصرت يعني أفتش على هيك مثلاً بقعة جبل، مدينة ما زرتها، أقعد أتجول بلبنان يعني.
ريما صالحة: طيب عاصم يعني سنتين ونصف في سجن انفرادي، أنا شايفة يعني هلأ أمامي شاب التجربة علّمته أن يكون واثق من نفسه أكتر، ينخرط في المجتمع، يدع كل شيء خلفه وينظر إلى الأمام، وهاي قليل ما نجدها في شباب ربما تعرضوا لمشكلة وتوقفوا لفترة طويلة، إلى أي مدى هلأ أنت عائد متقبّل للحياة؟ ولأي مدى أيضاً المجتمع المدني اللبناني أنت بتحسّ إنه رجع وتقبّلك؟
عاصم حمود: هي أهم شي ببلّش بالأهل والأقارب، يعني والدتي وخطيبتني دائماً ورائي بالثقة بالنفس، دائماً عم يدعموني لأرجع أنخرط بالمجتمع. وطبعاً هي التربية ما بتبدأ مش بنهار وبنهارين إنه بعد ما خرجت بهالشهر والشهرين، لأ هي تربية كلها كانت دائماً الوالدة ترفع لي معنوياتي وقت تجي وتزورني وتقول لي إنه خلص رح تطلع إن شاء الله، وأنت مظلوم وبتطلع، كن واثقاً من نفسك. فهي الثقة بالنفس والقناعة بتخلي الشاب إنه.. والتسامح بيخلي الشاب يطلع ويرجع يكمّل حياته أو يبلش حياة من أول وجديدة، لأنه هو خيار لإلو، يعني أنا عندي خيار يا أما أحقد على المجتمع والمجتمع كارهني، يا أما أنا بفرض حالي على المجتمع يحبني وأكون واثق من نفسي حتى المجتمع يتقبلني.
ريما صالحة: إلى أي مدى كانت تهمة مثل هيدي.. يعني نحنا نعلم أن العنف يولد العنف، إلى أي مدى تهمة متل هيدي وأنت عم تقلّي أنك مظلوم وبريء من هكذا تهمة، إلى أي مدى كان فيه خوف داخل عاصم أن يتحول إلى إنسان حاقد بناء على مثل هذه التهمة عندما يخرج؟
عاصم حمود: كان هو كان خوفي كبير صراحة. يعني ما أخفي، كان خوف إنه لما أطلع أياً كان الزمن يعني بعد سنة سنتين ثلاثة الله أعلم ما كنت عارف حالي إيمتى رح أطلع، أن أكون شخص مختلف، شخص حاقد، شخص يعني خفت فوت بشخص تاني مش أنا اللي هو..
ريما صالحة: يمكن منزوي، يمكن يعني مش بس أنه حاقد لنقول على المجتمع يمكن إنسان منطوي منزوي لن ينخرط من جديد في الحياة، هل كان عندك هيدا الخوف؟
عاصم حمود: كان عندي هيدا الخوف، وخاصة بالانفرادي كنت خاف أني ما أعود أقدر أحكي مع حدا، إنه لما تقعدي نهارين بدون كلام وبدون ما تحكي مع حدا، بتصيري تستصعبي أنه طيب كيف أنا بكرة بدي أحكي مع واحد عشر دقايق ويتقبلني؟ هيدا بتكوني خايفة منه، بتكوني خايفة إنه كيف المجتمع سوف يتقبلني؟ اللي حوليي كيف رح يرفضوني؟ الأهل رح يرفضوا؟ المعارف والجيران؟ ورح يقولوا لأ ابعدوا عن هالشخص، هيدا كان دائماً يعني نقطة خوف موجودة.
ريما صالحة: حسيت لما طلعت إنه فيه ناس ما تقبلتك؟
عاصم حمود: طبعاً طبعاً. حسيتها وحسيتها وشعرتها وواجهتها بس طبعاً دائماً نظرت للكوب المليان النصف المليان مش للنصف الفاضي..
ريما صالحة: بشو حسيتها وكيف حسيتها ووين حسيتها؟
عاصم حمود: في أشخاص مثلاً ما يحكوا معك. إنه الأشخاص اللي المعرفة بيني وبينهن بسيطة ما يعودوا يحكوا معي. شفتِ كيف؟ أو يتجنبوا النظر بعينيّ أو شغلة أو ما يقدروا..
ريما صالحة: جيرانكن كيف علاقتك مع الجيران؟
عاصم حمود: أنا علاقتي كويسة مع الجيران، وجاؤوا صراحة أكثريتهن إجو هنّوني، إجو هنّوني وباركوا لي، فكانت كويسة. بس يعني الجيران وبعدين كانوا يعني بعدهن لهلأ بخافوا، يعني بجوز ما بصفّوا إدام البيت بخافوا، بس يعني خلص هيدا شي طويت عليه..
ريما صالحة: طيب هيدي منيحة، فيه مشكلة صفات بلبنان، يعني يصفّ حدا على باب التاني، طيب عاصم الناس هول اللي بعدهن خايفين منك، شو بدك تقلّهن؟
عاصم حمود: بقلّهن تأكدوا مين عاصم. تعوا نهار سلموا على عاصم حاكوه خمس دقايق وبعدين احكموا بنفسكم ما تغيّروا ما تخلوا الغريب يحكم عنكن، أنتو تعوا بنفسكن واحكموا.

دار الإفتاء وزيارة المساجين

ريما صالحة: في حواري مع عاصم هناك نقطة لفتت نظري، وهي اللوم الذي وجّهه لدار الإفتاء في لبنان حول عدم زيارة أحد من المشايخ أو رجال الدين أو الدعاة له في سجنه طوال عامين ونصف رغم أنه طلب ذلك مراراً، توجهت للشيخ خلدون عريمط بهذا التساؤل الذي طرحه عاصم. فلنستمع.
الشيخ خلدون عريمط: حقيقة أنا اللي عم تتفضلي فيه يعني مستغرب تماماً، لأن الأخ حمود مثله مثل بقية السجناء الموجودين في السجون اللبنانية.
ريما صالحة: هل ربما التهمة التي كان موقوف بسببها هي السبب؟
الشيخ خلدون عريمط: لا أظن لا أظن. لأنه نحن واجبنا أن نلتقي مع الكل بغض النظر عن التهمة التي توجه إلى الأخ السجين، وبغض النظر عن الحكم الذي يمكن أن يصدر، لأننا نتعامل مع السجين كإنسان، سواء هذا الإنسان أخطأ بحسن نية أو بسوء نية، سواء كان متهماً أو هو على وشك أن يكون خارج الاتهام، هناك واجب شرعي وواجب خلقي وواجب ديني وواجب وطني أن نلتقي مع كافة الإخوة، وأظن لا شك يعني هذا الموضوع سنتابعه، وأنا أقول لك من على شاشة العربية أنني سأتصل به شخصياً، وسأتابع وضع الأخ حمود شخصياً وسألتقي به، ولا شك سنحاول أن نصل إلى الحقيقة ونحاول أن نتواصل معه لأسباب متعددة منها التناصح، منها إعادة التواصل معه، ومنها أن يعود إلى بيئته وإلى محيطه وإلى عقيدته الإسلامية الصحيحة التي ترفض العنف وترفض الإرهاب وتؤمن بالمحبة والأخوة والتواصل وتؤمن بالرحمة التي دعانا إليها سبحانه وتعالى بقوله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". هذا النداء موجه لمحمد عليه الصلاة والسلام، والنداء الذي يوجه إلى محمد عليه الصلاة والسلام فهو موجه إلى أمة محمد إلى يوم القيامة، ومن باب أولى أن تكون هذه الرحمة هي صفات الدعاة والعلماء وكل المؤمنين وكل المسلمين.
ريما صالحة: فاصل قصير نتابع بعده: بعد أن خرج عاصم حمود من السجن بكفالة، ما هو موقفه القانوني؟ وكيف يستطيع أن يعيد الانخراط في المجتمع بعد كل ما كان، نتابع بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
ريما صالحة: كيف يستطيع المتهم بالإرهاب أن يعود إلى المجتمع من جديد سواء ثبتت إدانته أو براءته؟ كيف يستقبله المجتمع؟ كيف يستقبله الناس؟ هل يصبح العالم سجناً كبيراً أم يستعيد حياته من جديد؟
حازم الأمين (صحفي متخصص في شؤون الجماعات المتطرفة): يعني الحقيقة هو وضعه شوي معقد، لأنه هو عم يعيش ببيئة غير متقبلة، مش عم بحكي عن.. عم بحكي عن البيئة الاجتماعية والطبقية التي نعيش فيها غير متقبلة نهائياً لهالنوع من التوجهات، وهي بيئة غير متسامحة أيضاً، وبالتالي صعب أنه.. وصعب أفكر أنا إنه شو بده يواجهه لهالشخص، لأن الحل اللي بدّو يتقدم له حل شخصي مش عام، هو حالة خاصة، حالة كتير خاصة، ما عنا بلبنان، مثل ما فيه باليمن مثلاً آلاف المتهمين لإعادة تأهيلهن وخرطهن.. عندنا هالحالة، طبعاً فيه آخرين ولكن من بيئات تانية، يمكن الحل أنه يروح يعيش ببيئة مختلفة عن البيئة اللي عايش فيها، طبعاً هالشي مزح مانّو جد، يعني إنه يروح على طرابلس وعلى عين الحلوة، ولكن يعني فعلاً طبعاً هيدي قضية خاصة..
ريما صالحة: بس نحنا لو قلنا له روح على عين الحلوة ولاّ روح على نهر البارد، نحنا كمان منكون عم ندفعه كمجتمع لأن ينخرط بهيك مجموعات، كحازم الأمين، هل تتقبل مثل هذا الشخص؟ هل ممكن أن تتحاور أنت وهو أنك..؟
حازم الأمين: أكيد. أنا عندي أصدقاء يعني فعليين وبشوفهن بشكل يومي، بشكل يومي بشوفهن دائماً، كانوا جزءاً من هيدا الفكر وانتقلوا إلى مواقع أخرى، وبستفيد منهن وبيستفيدوا مني طبعاً. أنا رح أحكي لعاصم حمود يعني بدي أقلّه إنه مش سهل الوضع اللي بدك تواجهه والتحدي، إذا كنت حاسس أنك قادر تواجه هالشي، ابقَ. بدك تواجه صعوبات قوية يعني صعوبات كبيرة في حال انتهت القصة أو تحديات كبيرة، فيه كتير ناس رح يساعدوك بلبنان، فيه كتير ناس أكيد بيساعدوك إنما أيضاً هيدا المجتمع اللي أنت جزء منه مانّو مجتمع متسامح ومانّو مجتمع سهل حيال حالة متل حالته.
ريما صالحة: قضية عاصم حمود ما زالت قائمة. كثير من الاتهامات التي تناولتها أجهزة الإعلام ليس لها وجود في ملف الاتهام ولكن:
حازم الأمين: الحقيقة هو وقت اللي تمّ توقيفه لعاصم حمود دغري بدر لذهن اللي عم بيراقبوا ظاهرة النشاط الإرهابي عبر الانترنت فكرة الجيل الثالث من ناشطي القاعدة، خصوصاً أن عاصم حمود لم يكن يرتبط بأي صلة بمجموعات محلية داخلية بلبنان، يعني اشتُبه بعلاقتها مع بهالنوع من الأنشطة. طبعاً بغض النظر عاصم حمود ما زال مشتبه فيه، والتهمة يعني لم تثبت بعد، ولكن ممكن هيك توصيف ما يمكن أن يذكر به عاصم حمود يعني بمواصفات الجيل الثالث من عناصر الشبكات ما سمي بالشبكات الإرهابية وخصوصاً بأوروبا، لأن الشبكات اللي توطنت وصارت محلية بقي عناصرها خاضعين لمواصفات محلية، إنما بحالة عاصم حمود أو الحالات التي تشبهها من دون أن يعني هذا اتهاماً مباشراً له، هناك مواصفات لها علاقة بدرجة تعليم عالي، بخروج من فئة اجتماعية متوسطة عليا، من وجود نسق حياة غير تقليدي وغير إسلامي بمواصفاته، أهل لا يشبهون يعني خيارات الناشط..
ريما صالحة: يعني هنا عم نتحدث عن عائلات ثرية وعن أولاد مثقفين متعلمين، هنا خرجنا عن البطالة والفقر والجهل والأمية، هيدا الجيل الثالث..
حازم الأمين: هيدا ما يسمى بأوروبا بالجيل الثالث من..
ريما صالحة: إلى أي مدى هذا الجيل بيخوّف أكثر أستاذ حازم؟
حازم الأمين: هو ما زالت العلاقة افتراضية، يعني ما زالت حتى الآن أنه ما ثبت إذا بدك أن هالنوع من الجيل قدر يوصل لنتائج بمواصفاتهن من خلال الدراسات اللي عملت على هالنوع من الشبكات بأوروبا وتحديداً شبكة مشابهة بأمستردام وبلندن، ما قدروا هالناس يوصلوا لمرحلة التنفيذ بعملياتهن. فيه هناك بلندن وبأمستردام تم الكشف عن شبكتين على صلة بين بعضهن، وبعضهم أو معظمهم من العرب المسلمين وإنما من أبناء النخب، النخب الاقتصادية والدبلوماسية حتى، وأنا رأيي لأن هيدي مجموعات النخب اللي عم نحكي عنها قليلة وقليلة جداً ما ممكن إنتاج يعني وسيلة وتفسير غير الوسيلة العادية، يعني وسيلة التساؤل عن الأسباب الفعلية مع استبعاد الأسباب العامة، أن الكلام عن ظلم أحدثته الولايات المتحدة أدى لنشوء مشاعر، هيدا ممكن يعني يصيب الغني وممكن يصيب الفقير وممكن يصيب العامل والطالب، وإنما تحديد هالشي بفئة معينة يعني يصعّب عملية القياس أو بيجعلها مستحيلة.
ريما صالحة: في حالة عاصم حمود. نحن نتكلم الآن عن شاب مشتبه به، ولكنه قضى سنتين ونصف في السجن، وما زال يعني خرج بكفالة، إلى أي مدى يعني هناك اختلاف بين الموقوفين ويحاكمون بتهمة على الأراضي اللبنانية، يعني التفجيرات تتم على الأراضي اللبنانية، وبين حالة عاصم هو متهم بتفجيرات خارج الدولة اللبنانية وتحديداً في الولايات المتحدة الأميركية هل تختلف الحالتان؟
حازم الأمين: آه طبعاً، يعني القانون اللبناني يتعامل مع الحالتين بطريقة مختلفة جداً، يعني هناك عدد من الموقوفين بقضايا الإرهاب في السجون اللبنانية لم تتم محاكمتهم حتى الآن لأنهم غير متهمين بقضايا يعني كانوا سيقومون بها على الأراضي اللبنانية، وهذا القانون اللبناني لا يعتبر هؤلاء، يعني لا يعتبر أنه مخول لمحاكمة هؤلاء لأنه يعني لأنه قانون لبناني، ويعني يتابع قضايا حصلت على الأراضي اللبنانية، وهذه مشكلة الحقيقة، لأنه بسبب ترابط قضايا الإرهاب في المنطقة وفي العالم ووجود شبكات يعني تتجاوز الحدود والدول.. فخلق إشكالية كبيرة هناك عدد كبير من الموقوفين في السجون اللبنانية إذا ما أجريت لهم محاكمات لبنانية يجب أن يخرجوا من السجون، ولا توجد اتفاقات تبادل سجناء بين الدولة اللبنانية والدول التي كانوا ينوون استهدافها، وهذه القوانين من الصعب يعني كمان سنّها، ولهذا يعني تطرح هذه المسألة إشكالية كبيرة على القضاء اللبناني وعلى القوانين اللبنانية.
ريما صالحة: إلى هذا الحد تنتهي هذه الحلقة من برنامج صناعة الموت حاولنا فيها أن نركز على حالة عاصم حمود ليس باعتباره مداناً أو بريئاً، فهذا أمر يقرره القضاء، وله منا كل الاحترام والتقدير، ونحن نثق بالقضاء اللبناني. ولكن ما لفت نظرنا في هذه القضية هي الحالة الإنسانية المرتبطة بقضية الحرب على الإرهاب، شكراً على المتابعة. لكم تحيتي وتحية فريق العمل معي ودائماً في صناعة الموت معاً معكم من هنا من العربية سنبقى نقول: معاً نصنع الحياة. إلى اللقاء.