المرشد الثامن لإخوان مصر يعزز سيطرة "المحافظين" على الجماعة
من أنصار الدور الدعوي والتربوي بالتنظيم
محمد بديع، المرشد الثامن للإخوان المسلمين هو أحد ممثلي الجناح المحافظ في الجماعة الذي يعطي الاولوية للعمل الدعوي والتربوي كوسيلة لترسيخ وجود الحركة في المجتمع على العمل السياسي في مواجهة النظام القائم.
ويبلغ محمد بديع من العمر 67 عاما، وهو غير معروف لدى الرأي العام، ولكنه وقف السبت 16-1-2010، بلحيته الرمادية الصغيرة مرتديا حلة داكنة أمام الكاميرات ليكرر "تعريف الناس بنا وبمبادئنا وثوابتنا ومواقفنا من القضايا المطروحة".
تحدث بديع بصوت قوي وبنبرة حرص على أن تكون حماسية داعيا الى الديمقراطية وفصل السلطات، ومدينا العنف وخصوصا العنف الطائفي. وقال إن "النصارى يمثلون مع المسلمين نسيجا اجتماعيا وثقافيا وحضاريا واحدا تداخلت خيوطه وتآلفت ألوانه وتماسكت عناصره عبر القرون".
ولد بديع في مدينة المحلة بدلتا النيل عام 1943، وحصل على بكالوريوس الطب البيطري من جامعة القاهرة قبل أن يصبح أستاذا جامعيا في هذا الفرع من الطب. وهو متزوج وله ثلاثة أبناء، ولدان وبنت.
تتلمذ في الإخوان على يد سيد قطب، القيادي التاريخي للجماعة الذي كان يدعو الى الجهاد لإقامة الدولة الإسلامية، وكان عضوا في التنظيم السري للجماعة الذي اتهم في العام 1965 بتدبير محاولة لقلب نظام الحكم آنذاك.
ويقول الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان إن "بديع ينتمي إلى هذا التيار ولكنه ليس من العناصر المتشددة فيه".
ألقي القبض على المرشد الجديد عدة مرات وحوكم مرتين؛ الأولى في العام 1964 وأمضي بعدها تسع سنوات في السجن، والثانية عام 1999 حيث حكم عليه بالسجن 5 سنوات لكنه خرج من السجن بعد ان امضى ثلاثة أرباع المدة.
وكان حتى الان مسؤولا عن التربية الايديولوجية في جماعة الاخوان وهو بذلك يميل الى العمل الاجتماعي للحث على الالتزام الصارم بتعاليم الاسلام في المجتمع اكثر منه الى العمل السياسي التقليدي.
أما موقفه من نظام الرئيس المصري حسني مبارك، فعبّر عنه السبت موضحا أنه من منتقديه وإن لم يكن من المعارضين على طول الخط. وقال إنه بشان "موقفنا من الأنظمة القائمة في بلادنا، فنحن نؤكد ان الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصوما لها وان كان بعضها دائم التضييق عليهم" مشيرا الى ان الإخوان مع ذلك "لا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم الاقتراحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا، ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للغير".
وشدد على ان "الأصل في موقف الإخوان من الأنظمة أنهم يؤيدون الحسن ويعارضون السيء، ومن ثم فهم لا يعارضون لمجرد المعارضة".
وتجنب الغشارة الى موقف الجماعة الرافض لتولى مواطن قبطي أو امرأة رئاسة الجمهورية في مصر، وهو الموقف الذي يثير انتقادات واسعة من قبل القوى السياسية الأخرى.
ورغم أن بديع اكد أن الجماعة ستواصل العمل البرلماني والنقابي والأهلي، إلا أن تعزيز سيطرة الجناح المحافظ قد يؤدي، وفقا للمحللين، الى مشاركة أقل للإخوان في العمل السياسي.
ويقول عبد المنعم محمود، وهو صحفي مقرب من الإخوان، إنه مع أن محمد بديع المسؤول حاليا في الجماعة عن التربية الأيديولوجية فإن "الإخوان يريدون التركيز أكثر على التربية والعمل التنظيمي والاهتمام بشكل أقل بالعمل السياسي".
يذكر أن جماعة الإخوان محظورة رسميا في مصر منذ العام 1954 لكنها تمارس نشاطها بشكل علني وإن كانت تتعرض لضربات أمنية إجهاضية من حين لآخر.
وكان الإخوان حققوا اختراقا تاريخيا في العام 2005 بفوزهم بـ20% من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات البرلمانية.