بلدية القدس تؤجّل "حديقة الملك سليمان" تجنباً للجدل
منازل فلسطينية في حي سلوان العربي ستتعرض للجرف
رضخ رئيس بلدية القدس نير بركات للضغوط، وقرر تأجيل الإعلان عن خطط لبناء متنزه أثري في الجزء المحتل من المدينة، والذي يتطلب تنفيذه تجريف عشرات المنازل الفلسطينية ما قد يشعل موجة من الاضطرابات.
وجاء قرار التأجيل بعد أن طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من بركات تأجيل المشروع لإتاحة مزيد من الوقت للتوصل الى اتفاق مع السكان للحيلولة دون إثارة احتجاجات دولية.
وقال بركات للصحافيين، الثلاثاء 2-3-2010 إن "رئيس الوزراء طلب مني التحدث والتفاوض مع السكان". وأضاف "لقد وافقت بالطبع، وسوف أؤجل تقديم البرنامج الى لجنة التخطيط فيما نواصل الحديث مع السكان".
وكان بركات يعتزم الإعلان عن مشروع المتنزه الذي أطلق عليه "حديقة الملك" في منطقة البستان في حي سلوان الفلسطيني على مشارف البلدة القديمة. الا أن نتنياهو قال إن المضي قدماً في هذا المشروع الآن سيخدم "مصالح جماعات تريد التسبب في خلافات وتظهر اسرائيل بصورة مشوهة داخل البلاد وخارجها".
وعرض بركات برنامج ومخطط البلدية في مؤتمره الصحافي. وقال" انه يشمل على إعادة فتح القسم الغربي للمنطقة لأهميتها التاريخية الى ما كانت عليه في السابق، بحيث تكون مفتوحة امام جميع الزائرين بما في ذلك السكان المحليين".
وأكد أن المشروع في المنطقة يهدف الى "إنعاشها وتحويلها الى منطقة سياحية وسكانية حيوية" من خلال "اقامة المطاعم والأماكن السياحية، حيث سيتم المصادقة على اقامة بناء طوابق ارضية في الجهة الشرقية لاقامة اماكن تجارية وورشات للفنانين، ومحال بيع الاثار والهدايا التذكارية والفنون وتقام هذه الابنية على مساحة 3000 متر مربع"، وتابع "سنقيم مباني خاصة على مساحة 2000 متر مربع في المنطقة تشمل غرف تدريس حضانات أطفال أندية قاعة رياضة مواقف منظم للسيارات تتسع 140 سيارة لرفع المستوى الاجتماعي للسكان".
وتقول اسرائيل إن منطقة البستان هي جزء من ما يسمى بـ"الحوض المقدس" الذي يعتقد انه موقع القدس القديمة خلال عهد الملك داود والملك سليمان بحسب التوراة. أما الآن فهذه منطقة مكتظة بالفلسطينيين في الجزء الذي تحتله اسرائيل من المدينة منذ عام 1967 وضمتها اليها في خطوة غير معترف بها دولياً.
وفي حال تنفيذ المشروع فإنه سيثير غضب الفلسطينيين وقد يؤدي الى مواجهات عنيفة. وذكر الاعلام الاسرائيلي ان خطة بناء المتنزه ستؤدي الى تجريف عشرات المنازل الفلسطينية التي بنيت دون تراخيص، والتي يعود تاريخ بعضها الى عقود مضت، على ان يتم تعويض اصحابها بمنحهم اعمال تجارية داخل المتنزه الجديد.
وأعربت الامم المتحدة عن مخاوفها من الخطة. وقال ريتشارد ميرون المتحدث باسم روبرت سيري مبعوث الامم المتحدة في الشرق الاوسط "اذا تبين صحة ذلك، فهو امر مثير للقلق الشديد. نحن نحاول تخفيف التوترات في الوقت الحاضر وليس تصعيدها".
وأضاف "مهما كانت النوايا وراء مثل هذا المشروع، على اسرائيل ان تفهم ان هدم منازل فلسطينية في القدس الشرقية يهدم الثقة ليس فقط مع الفلسطينيين ولكن، وبصراحة، على المستوى العالمي".
وفي إطار المشروع، كان من المقرر ان يصدر بركات أمراً بشرعية مبنى من سبعة طوابق، بناه مستوطنون يهود دون ترخيص عام 2004 في نفس الحي. وكانت محكمة اسرائيلية امرت بإغلاق المبنى الشهر الماضي.
ويتعرض العديد من الفلسطينيين في القدس الشرقية لخطر هدم منازلهم بسبب بنائها او توسيعها دون الحصول على التراخيص الضرورية من السلطات الاسرائيلية والتي يعد الحصول عليها أشبه بالمستحيل. ودعت العديد من الحكومات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، اسرائيل الى وقف مثل عمليات الهدم هذه لتجنب الحاق المزيد من الضرر بعملية السلام في الشرق الاوسط.
وقد اثار الاعلان عن هذا المشروع احتجاجاً شديداً لدى السكان الفلسطينيين ومنظمات غير حكومية. وقالت منظمة "عير اميم" (مدينة لكل الشعوب) الاسرائيلية غير الحكومية ان المشروع "قد يشعل القدس".
وانتقدت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية خطة بركات وقالت في بيان لها إن بركات "يتصرف بطريقة غير مسؤولة في واحدة من اكثر الاماكن حساسية في القدس. ويواصل كونه رئيس بلدية للمستوطنين فقط".
من ناحيتها قالت "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" ان خطط نير بركات تبرهن "الاحتلال الاسرائيلي وبلديته ينفذون ويفرضون واقعا احتلاليا يسعون من خلاله الى طرد الفلسطينيين من القدس.. وتستهدف بشكل مباشر بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الاقصى".
ويقيم حوالى 200 الف اسرائيلي في 12 حياً استيطانياً في القدس الشرقية حيث يعيش 270 الف فلسطيني.