مهن الخطاطين وباعة الصور في المغرب تنتعش بفضل الاحتجاجات
صور تشي غيفارا والكوفيات الفلسطينية الأكثر مبيعاً
انتعشت بعض المهن الهامشية والصغيرة في المجتمع المغربي، جراء توالي تنظيم المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية التي بدأت بدعوات شباب الفيسبوك وحركة 20 فبراير/ شباط، وما تزال تداعياتها مستمرة بالرغم من إعلان الملك محمد السادس عن حزمة من الإصلاحات الدستورية في خطابه يوم التاسع من مارس/آذار الجاري.
وازدهرت بشكل لافت مهن الخطاطين وخياطي الأثواب وصانعي اللافتات وباعة الكوفيات الفلسطينية والأعلام الوطنية، وطابعي البوسترات وصور بعض الشخصيات العالمية من قبيل الثائر الأرجنتيني الشيوعي المعروف أرنستو تشي غيفارا.
وجدير بالذكر أن شباب حركة 20 فبراير اعتبروا وعود الإصلاح الدستوري في الخطاب الملكي غير كافية، وقرروا تنظيم مسيرات احتجاجية يوم 20 مارس في أكثر من 60 مدينة وقرية بالبلاد، بينما يعتزم الرافضون لهذه الحركة إجراء مسيرات مضادة في اليوم ذاته تعبر عن حبهم للملك وتشبثهم بالإصلاحات التي أعلن عنها.
صور غيفارا
وعرفت بعض المحلات المتخصصة في طبع البوستيرات والصور وإخراجها الكثير من الإقبال من لدن مئات الشباب في العديد من المدن، والذين يتبعون للتنسيقيات الجهوية والفرعية لحركة 20 فبراير، بغية رفعها في تظاهرات الأحد 20 مارس.
وأكد مراد الحبشي، الذي يعمل في أحد محلات الطباعة والتصوير، هذا الإقبال الشبابي على بعض الصور بالخصوص، مثل صور أحد رموز الكفاح المسلح في العالم "غيفارا"، والتي لوحظ انتشارها بشكل واضح بين المتظاهرين في العديد من الوقفات الاحتجاجية.
وفسر الحبشي الإقبال على مثل هذه البوستيرات والصور بأنها تعد بالنسبة لبعض الشباب رمزا للثورة، مضيفا أنه مع ذلك يرى تناقضا صارخا بين حمل الشباب لصورة شخص عُرف بأنه كان من أشهر الثوار المسلحين، وبين المطالبات الشبابية السلمية بالمغرب.
وأضاف المتحدث بأنه حين كان يسأل بعض الشباب من باب الفضول، لاحظ أن بعضهم ممن يطلبون مثل هذه الصور يعرفون بالفعل ماذا ترمز إليه الصورة ودلالاتها السياسية، غير أنه بالنسبة للبعض الآخر فالأمر عندهم غير ذي أهمية ولا يستوجب أي تأويل سيء.
وعرفت أيضا مهنة حياكة اللافتات والشعارات وبيع الكوفيات الفلسطينية والشامية بعض الانتعاش، وشوهد شباب كثيرون من حركة 20 فبراير ، وهم يحيطون أعناقهم بهذه الكوفيات خاصة عند فتيات وشابات الفيسبوك.
وفي السياق ذاته، ذاع صيت بعض الخطاطين الذين وجدوا في تعاقب الوقفات والتظاهرات الاحتجاجية فرصة مواتية لانتعاش مهنتهم التي لا تتوفر على أي دعم رسمي لها في البلاد.
وأقر محمد الدريوش، خطاط شاب، بأن مدخوله الهزيل انتعش نسبيا بفضل ما يقوم به من كتابة مضامين اللافتات التي يخرجها شباب 20 فبراير، مشيرا إلى أن رواج مهنة الخطاط في المغرب تتوقف على بعض المناسبات والمواسم فقط.
دعم إصلاحات الملك
وعرفت أيضا العديد من نقاط بيع الأعلام الوطنية انتعاشا ملحوظا، خاصة عند الشباب الرافضين للمسيرات الشبابية ليوم العشرين من مارس، والذين يرون أنه لا يوجد مبرر يسوغ الخروج في مظاهرات احتجاجية بالرغم من تعهد الملك للبدء في ورش إصلاحي ضخم.
ويقبل الشباب على شراء الرايات المغربية وصور الملك من أجل استعراضها ورفعها في مسيرات مرتقبة مؤيدة لمضامين الخطاب الملكي، سمّوها "مسيرات حب للملك".
ويقول أحد الباعة إنه باع أعلاما كثيرة لعشرات الشباب المتحمس، الشيء الذي فاق ما كان يبيعه في مناسبات وأعياد وطنية رسمية، حيث يكون الإقبال ضعيفا على اقتناء هذه الأعلام باستثناء الإدارات العمومية التي تطلبها بين الفنية والأخرى بمناسبة تدشين رسمي أو عيد وطني أو محاضرة أو غيرها.
وفي سياق ذي صلة، أسس بعض هذا الشباب حركة "فيسبوكية" تحت اسم "حركة شباب 9 مارس"، تتضمن إشادة بمحتويات خطاب الملك وبتوجهه الإصلاحي العميق، معتبرين هذا التحول بمثابة ثورة ثانية للملك والشعب بعد الثورة الأولى التي جمعت الملك والشعب في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
ودعا شباب هذه الحركة الجديدة إلى قطع الطريق أمام من سموهم الانتهازيين الذين يستغلون حماسة الشباب ونقص خبرته السياسية ليزجوا بهم في أتون احتجاجات ومظاهرات غير محسوبة، بهدف تحقيق أهدافهم الذاتية والمصلحية الضيقة.