الفائز برئاسة قيرغيزستان يؤيد إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية في البلاد
أول انتقال للسلطة عبر الانتخابات في الدولة
أظهرت نتائج فرز 99% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية القيرغيزية التي جرت الأحد, فوز الماز بيك اتامباييف رئيس الحكومة في السباق الانتخابي بحصوله على أكثر من 63% من الأصوات, بينما احتل المرتبة الثانية كامتشي بيك تاشييف زعيم حزب "اتا جورت" (الوطن)، والثالثة اداخان مادوماروف رئيس البرلمان الأسبق زعيم حزب "بوتون قيرغيزستان" (قيرغيزستان الموحدة).
وأعلن اتامباييف بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية أنه يؤيد إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية في مطار ماناس بالقرب من العاصمة بيشكيك, معتبراً أن مطار ماناس هو للاستخدام المدني ويجب أن يبقى كذلك, مشيرا أنه في العام 2014 سينتهي الاتفاق بين واشنطن وبيشكيك بهذا الخصوص, ويجب إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية, مؤكدا أن بلاده ستلتزم بجميع الاتفاقات الدولية التي سبق توقيعها.
تجدر الإشارة أن لموسكو أيضا قاعدة جوية عسكرية تبعد 30 كم عن القاعدة العسكرية الأمريكية في قيرغيزستان.
انتخابات نزيهة
وقدم مراقبو الجمعية البرلمانية التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تقييما إيجابيا عن الانتخابات الرئاسية القيرغيزيه, واعتبرو أن القيرغيز أدلوا بأصواتهم بحرية، رغم وجود بعض الشوائب, وأشارت فالبورغا دوغلاس ممثلة الجمعية البرلمانية أنه لم يتم تسجيل أية خروقات من قبل المرشحين، خلال الانتخابات الرئاسية التي تعتبر الأولى منذ الإطاحة بنظام كورمان بيك باكييف في مارس/آذار عام 2010.
وذكرت لجنة الانتخابات المركزية أن أكثر من 60% من المسجلين في القوائم الانتخابية شاركوا في التصويت. وحسب معلوماتها، فإن عدد المصوتين بلغ مليوناً و827 ألف شخص. وتجدر الإشارة الى أنه لا يوجد أي حد أدنى لنسبة الحضور في هذه الانتخابات، وستكون نتائجها سارية المفعول بغض النظر عن نسبة الإقبال عليها.
ورفض كل من المنافسين الرئيسيين لرئيس الحكومة الفائز في الانتخابات الرئاسيه, الاعتراف بالنتائج, مطالبين بجولة ثانيه, وقال اداخان مادوماروف رئيس البرلمان الأسبق المرشح عن حزب "بوتون قيرغيزستان" إن "لجنة الانتخابات المركزية ارتكبت خلال عملية التصويت انتهاكات غير مسبوقة. ويلاحظ استغلال واسع للصلاحيات الإدارية لصالح المرشح الماز بيك اتامباييف".
وأشار مادوماروف الى أن مجموعة من المرشحين المعارضين عازمة على "الدفاع عن حقوق الناخبين بشتى الوسائل الممكنة". ويطالب المرشحون بإجراء التحقق من التواقيع "في منطقة واحدة على الأقل". ولا يستبعدون احتمال قيام أنصارهم بتسيير مظاهرات الاحتجاج على استغلال الصلاحيات الإدارية خلال الانتخابات.
مخاوف من العنف
ويخشى المراقبون من تكرار موجة العنف، التي اندلعت في حزيران/يونيو عام 2010 في مدن أوش وجلال آباد الجنوبية في قيرغيزستان، وكانت أسوأ مواجهات عرقية في البلاد خلال 20 سنة، وأدت إلى مقتل 183 شخصاً وجرح حوالي 1761 آخرين خلال أربعة أيام من الاشتباكات بين القيرغيز والأوزبك. وتوجه الآلاف من أقلية الأوزبك إلى الحدود الأوزبكية هرباً من العنف المتفجر في بلادهم.
حيث إن زعماء المعارضة الذين رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسيه, ينحدرون من الجنوب القيرغيزي, ومن الناحية الجغرافية تقسم سلاسل الجبال البلد إلى شمال وجنوب بالمعنى الحقيقي للكلمة، ويصعب التواصل بين الجهتين تماماً. إذ تربط العاصمة بشكيك في الشــمال بأوش في الجنوب طريق واحدة.
ومخاوف الحكـومة المؤقتة من انتقال العنف العرقي من جنوب البلاد الى شمالها لها مبرراتها، فالفصل بين الشمال والجنوب تحول مع الزمن إلى عزلة اقتصادية وسياسية واجتماعية ذات نتائج كارثية، وهو ما حاولت كسره «ثورة البنفسج» الأولى التي أطاحت بالرئيس السابق اسكار اكاييف عام 2005، فأوصلت الى سدة الحكم أول رئيس جنوبي اختاره الشعب هو كورمان بيك باكييف. وقد لمس أهل الجبال والجنوب فداحة المسـافة الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تفصل بين شرائح الشــعب من جهة، والرفاهية التي كان يتميز بها أهل السلطة الموالون للمركز السابق من جهة أخرى.
إلا أن خذلان الرئيس الجديد للثورة سرعان ما حرك هذا الغضب مرة أخرى، وأشعل ثورة جديدة بعد الثورة الأولى. حيث اتهمته شرائح واسعة بأنه لم يكن وفياً لوعوده وأنه انغمس كسابقيه في الفساد وسوء الإدارة، وأن البؤس تفاقم في عهده.
يبقى القول إنها المرة الأولى في تاريخ قيرغيزستان التي سيتم تسليم السلطة فيها بشكل سلمي من رئيس سابق لرئيس فائز بالانتخابات.