معهد العربية للدراسات يرصد مسار أزمة تونس بعد اغتيال بلعيد

الشكوك حول هوية منفذي عملية الاغتيال التي طالته تتجه للمتطرفين

نشر في:

شكري بلعيد المعارض التونسي الذي ووري جثمانه الثرى برصاص مجهولين، يعتقد أنهم من المتطرفين الدينيين، هو نفسه المحامي شكري بلعيد الذي دافع كثيرا عن المساجين السلفيين في سجون الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وحسب الدكتور عبد اللطيف الحناشي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة منوبة التونسية، فإن "تونس المستقلة (1956) لم تعرف غير محاولة اغتيال سياسي واحدة تمثلت في استهداف صالح بن يوسف الرجل الثاني في الحزب الدستوري، الديوان السياسي، في سويسرا سنة 1961، وفي عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تعرّض صحافي تونس كان يعمل في النسخة العربية من جريدة "لومند ديبلوماتيك" الفرنسية لمحاولة اغتيال باءت بالفشل. لذلك يمكن القول إن الاغتيال السياسي في تونس ظاهرة غريبة على حقل الممارسة السياسية في البلاد".

وقال الحناشي في دراسة خاصة بمعهد "العربية" للدراسات والبحوث، إن اغتيال شكري يعد أول عملية من هذا النوع تحدث على أرض تونس وكانت بعد ثورة الحرية والكرامة.

وبالنسبة للدكتور الحناشي، فإن المفارقة تكمن في أن "الفقيد شكري بلعيد يعتبر أحد أبرز القيادات السياسية والحقوقية في تونس، سُجن في عهدي بورقيبة وبن علي وكان من موقعه كمحام من بين قلة من زملائه الذين دافعوا عن السلفيين ضحايا قانون الإرهاب وعلى شباب انتفاضة الحوض المنجمي (2008)، وكان له دور فاعل في قطاع المحامين لمساندة الثورة التي انطلقت من سيدي بوزيد".

لكن هذا لا ينفي عن بلعيد "مواقفه وخطابه السياسي الصريح المباشر والحاد، أحيانا، تجاه السلفيين وحزب النهضة وأبرز قيادييه، ومنهم خاصة وزير الداخلية علي العريض وراشد الغنوشي رئيس الحزب، الأمر الذي أزعج الأحزاب والتيارات ذات المرجعية الإسلامية عامة وحزب النهضة، قيادة وكوادر وقواعد خاصة"، حسب المتحدث.

ويرى الدكتور عبد اللطيف الحناشي أن شكري بلعيد تعرض لعنف لفظي عدة مرات كما تم تهديده بالقتل واستباحة دمه من قبل أحد أئمة المساجد، كما حمّله وزير الداخلية شخصيا مسؤولية التحريض على اندلاع بعض الاضطرابات التي شُنت في كثير من القطاعات المهنية وبعض المحافظات ومنها خاصة إضراب محافظة سليانة (شمال غرب البلاد في نوفمبر من العام الماضي).

ويعتقد الحناشي أن "مواقف شكري بلعيد وخطابه السياسي لا يمكن أن يشكّلا مبررا لعملية الاغتيال تلك، إذ لا يختلف بعض من زعماء المعارضة عنه من حيث شدة معارضتهم وحدّة خطابهم لذلك يمكن القول أن أهداف أخرى كانت وراء استهداف شكري بلعيد ومنها مزيد من إرباك الساحة السياسية وخلط الأوراق و زعزعة أمن واستقرار البلاد ودفعها إلى الفوضى خاصة".