أسعار الفائدة المتغيرة في قروض التمويل العقاري

فهد بن عبد الله الحويماني
نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط

بإقرار لوائح التمويل العقاري الجديدة وإمكانية الحصول على قروض المنازل بطرق جديدة، بدأت تظهر على الساحة آلية جديدة لاحتساب سعر الفائدة على القرض العقاري، وهي آلية سعر الفائدة المتغير. وعلى الرغم من أن هذه الآلية مطبقة منذ سنوات في بعض البنوك، خصوصاً في قطاع الأعمال، إلا أنها الآن ستمارس في قروض الأفراد، ومن الواجب معرفة طبيعتها وكيفية التعامل بها، والأهم من ذلك النظر فيما إذا كانت اللوائح الصادرة كافية بشكلها الحالي لحماية المقترضين من خطر أسعار الفائدة المتغيرة.

تشير اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري في وصف عقد التمويل العقاري إلى أن على الممول العقاري تضمين عدد من النقاط في عقد التمويل تشمل إجمالي مبلغ التمويل العقاري وتكلفة الأجل، وشروط التطبيق، والمؤشر أو المعدل المرجعي المستخدم في تحديد تكلفة الأجل وشروط تغيير تكلفة الأجل، وما إلى ذلك. إلا أن النقطة الأولى - تحديد إجمالي مبلغ التمويل العقاري - غير ممكن القيام بها إذا كان سعر الفائدة متغيرا، وكان من الواجب استدراك ذلك كي تظهر اللائحة بشكل سليم. إلا أن هذه الجزئية جاءت فقرة لاحقة لمحاولة علاجها من خلال نص يشير إلى أنه في حال كانت تكلفة الأجل متغيرة يجب وضع ثلاثة أمثلة لمقدار الأقساط أخذاً في الاعتبار تكلفة الأجل الابتدائية وتكلفتين أعلى وأدنى منها. هذه المعالجة لا تفيد كثيراً في تحديد تكلفة الأجل لأن سعر الفائدة متغير، فمن الممكن أن تتضاعف التكلفة بشكل كبير أو تنقص بشكل كبير لا يفيد معه الحدان الأعلى والأدنى المذكوران في العقد.

مادة اعلانية

لإيضاح طبيعة المشكلة، من المعروف أن تكلفة القرض الأكثر شيوعاً في المملكة تكون معلومة مسبقاً إذا كان القرض بسعر فائدة ثابت، كأن يكون قرضا بمبلغ مليون ريال لمدة عشر سنوات بسعر فائدة 5 في المائة سنوياً، التي ربما يسوقها البنك على أنها سعر فائدة بنسبة 3 في المائة، وهذا موضوع تمت مناقشته في مقال سابق عن الخلل في مبلغ النسبة المعلنة. في هذه الحالة يكون مقدار الدفعات التي يقوم بتسديدها العميل ثابتا والمبلغ الإجمالي المقترض ثابتا ومعلوما.

أما إذا كان سعر الفائدة متغيرا فربما يكون القرض - في المثال السابق - بسعر فائدة يعادل 2 في المائة إضافة إلى سعر الفائدة السائد، الذي قد يكون وفقاً لسعر (سايبور) أو أي مؤشر آخر. فعلى سبيل المثال لو كان سعر الفائدة المرجعي 2 في المائة، فتكون تكلفة القرض 4 في المائة للأشهر الستة المقبلة، ومن ثم يحدد سعر الفائدة للأشهر الستة التي تليها حسب سعر الفائدة المرجعي الجديد. المشكلة هنا أن المخاطرة في أسعار الفائدة تم تحويلها من البنك إلى المقترض، وذلك لأنه في القرض التقليدي الثابت، تكون المخاطرة على البنك، بمعنى أنه في حال ارتفعت أسعار الفائدة بشكل كبير، فإن صاحب القرض لا يتأثر بذلك، لأن سعر الفائدة ثابت ومحدد في العقد، وتضيع على البنك فرصة الإقراض بسعر فائدة أعلى من ذي قبل. لذا نجد أن البنك يقوم بإضافة نسبة معينة لسعر الفائدة الثابت تحسباً لهذه التغيرات التي تطرأ على سعر الفائدة.

في السنوات السابقة هنا في المملكة لم تكن البنوك تهتم بموضوع الفائدة المتغيرة لأنها كانت تعلم أن أسعار الفائدة في انخفاض مستمر، وفقاً لتحركات البنك المركزي الأمريكي، فكان من صالحها الإقراض بأسعار فائدة ثابتة. أما الآن مع إطلاق نظام التمويل العقاري وإمكانية الاقتراض لسنوات طويلة، تصل إلى 25 عاماً، سارعت البنوك في التأكيد على تضمين سعر الفائدة المتغير في نظام التمويل العقاري، وذلك لحمايتها من خسارة فرص الإقراض بأسعار فائدة مرتفعة في السنوات المقبلة. إلا أن هذا الترتيب يأتي على حساب المقترض، حيث إن التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة. لا ننسى كذلك أن المخاطرة على البنوك تم تقليصها بوضح حد أعلى للاقتراض لا يتجاوز 70 في المائة من قيمة العقار، الذي من المفترض أن ينعكس على تكلفة الاقتراض بالنسبة للمستهلك، غير أن ذلك مشكوك في أمره، وهناك حالياً من يشتكي من ارتفاع تكلفة القروض العقارية.

الجدير بالذكر أن دولاً كثيرة تعمل بأسلوب الفائدة المتغيرة في القروض العقارية، والسبب هو أن طبيعة عمل البنك تتمثل في أنه يدفع نسبة فائدة معينة للحصول على السيولة التي يقوم بإقراضها للمستهلك، فيكون من الضروري أن يكون هناك توازن بين السعر الذي يدفعه البنك والسعر الذي يتحصل عليه البنك من المقترض. نظرياً، إذا ارتفعت تكلفة توفير السيولة على البنك، فلا بد أن ترتفع تكلفة الاقتراض على المستهلك، إلا أن الوضع في المملكة يختلف كثيراً عن بقية دول العالم في أن البنك يتحصل على السيولة اللازمة بشكل شبه مجاني، بسبب مجانية الحسابات الجارية. أي أنه في حقيقة الأمر لا عذر للبنك في فرض أسعار فائدة متغيرة، لأن تكلفة السيولة عليه مجانية بشكل كبير.

نقطة أخرى كان من الواجب تضمينها في لائحة التمويل العقاري وهي وضع حد أعلى لتغيرات سعر الفائدة، وذلك لأنه بالشكل الحالي من الممكن أن تتضاعف تكلفة القرض على المستهلك بشكل خطير فيما لو أن أسعار الفائدة ارتفعت بشكل كبير، وهو أمر وارد عطفاً على تحركات الفائدة التاريخية. هذا يعني أن بالإمكان أن يجد المقترض نفسه مضطراً لدفع ضعف قيمة الأقساط المتوقعة أو أكثر، وهذا أمر في غاية الخطورة وقد يتسبب في انهيار القطاع العقاري، وهو ما حصل بالفعل في الولايات المتحدة في عام 2008. الحل هو تضمين العقد حداً أعلى لارتفاع سعر الفائدة، سواء بتحديد سقف أعلى لسعر الفائدة الذي يتم تعديله كل ستة أشهر، أو بوضع حد إجمالي أعلى. وهناك آليات تستخدم في بعض الدول يمكن للمقترض ممارستها بشكل مستقل، بحيث يقوم بشراء وسائل مالية تضمن له عدم دفع أكثر من نسبة معينة، أي كأنها تأمين على القرض، وهذه غير متاحة هنا في المملكة للأفراد، إلا أن البنك يستطيع القيام بها لحماية قروضه.

أخيراً، كان بالإمكان أن تحتوي اللائحة على ضوابط واضحة وصارمة بشأن السداد المبكر، بحيث يستطيع الشخص المقترض الخروج من القرض، فيما لو ارتفعت أسعار الفائدة بشكل غير مقبول له، أو لأي سبب كان، دون دفع رسوم عالية مقابل ذلك. فنجد أن اللائحة اكتفت بتوضيح أن على العقد أن يحتوي على إجراءات السداد المبكر، دون ذكر أن يتم ذلك بلا رسوم على المقترض، وهذا أضعف الإيمان، خصوصاً إذا علمنا أن البنك، أو الممول العقاري بشكل عام، قد عمل كل ما يلزم عمله لحفظ حقوقه.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة