في عالم التباعد الاجتماعي الذي فرضته الجائحة كما فرضت إغلاق الاقتصادات العالمية، لم ير كثير من العاملين في جميع أنحاء العالم مكاتبهم طوال أسابيع، إن لم يكن على امتداد أشهر.
بيد أنه عندما تخفف إغلاقات فيروس كورونا قريبا، قد يكون هناك عدد أقل من المكاتب للعودة إليها، وهو ما يلمح إلى أن مستقبل المكاتب ما قبل الجائحة لن يكون ذا صلة بما كان قبلها.
ودفعت الأرقام المعلنة أمس مسؤولين حكوميين في السعودية للحديث عن إمكانية أن يكون العمل عن بعد مقترحاً ينظر إليه بتوسيع آلياته واعتباره أسلوباً طبيعياً نظامياً في تأدية الوظيفة الحكومية بشكل دائم، وسط اعتماد 95% من الجهات الحكومية عليه في الوقت الراهن، في وقت يسجل الاقتصاد الرقمي تسارعاً في النمو والأداء بنسبة 2.5%، مقارنة بالاقتصاد التقليدي.
وأشارت الأرقام التي أعلن عنها في ندوة "العمل عن بعد" أن حجم تبادل المعلومات إلكترونياً بين الجهات الحكومية سجل 143 مليون عملية خلال أبريل/نيسان، بزيادة تقدر بنحو 70% عن نفس الفترة من العام الماضي. وأن 95% من الجهات الحكومية تعمل الآن عن بُعد، وفقاً للإجراء الاحترازي الذي فرضته الدولة للتباعد الاجتماعي، كما وفرت للمستفيدين من مواطنين ومقيمين وقطاع الأعمال أكثر من 3600 خدمة إلكترونية مختلفة، في حين يجري نصف مليون موظف حكومي أكثر من 10 ملايين دقيقة لاجتماعات يومية.
وأوضح رئيس اللجنة التوجيهية بوزارة المالية، عبد العزيز الفريح، أن القطاع العام في السعودية حقق قفزات هائلة في التحوّل الرقمي بمختلف مجالاته، وأن مبادرات التحوّل الرقمي التي تبنتها الجهات الحكومية أسهمت في تحقيق الكثير من الإنجازات، وكان داعماً لاستمرارية الأعمال عندما اتخذت الدولة قرارها الاحترازي بتعليق الحضور إلى مقار العمل وإنجاز الأعمال عن بُعد، وفقا لما نقلته "الشرق الأوسط".
وأضاف خلال جلسة افتراضية لـ"ديوانية المعرفة" التي عقدتها وزارة المالية "إن التحوّل الرقمي شمل كافة القطاعات، كما جرى تقليص وقت إجراءات إنهاء الخدمة، مع توسيع نشاط المدفوعات الرقمية الذي أسهم في تسهيل التعاملات المالية"، مما جعل السعودية تحصد المرتبة الثالثة عالمياً لأكبر شبكات الجيل الخامس في 2019. والمرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين في الحوكمة التقنية.
إلى ذلك، قال نائب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس هيثم العوهلي: "إن العمل عن بُعد سيكون واقعاً لا بد من التعامل معه، وطريقاً للأمام لكثير من القطاعات الحكومية والخاصة"، موضحاً أن وزارة الاتصالات عملت على التأكد من ضمان واستمرارية شبكات الاتصالات ومتانتها في المملكة للتواصل مع العالم الخارجي.
ولفت العوهلي إلى أن الاقتصاد الرقمي يتسارع بنسبة 2.5% أكثر من الاقتصاد الإجمالي وأن الوزارة عملت على دعم العمل عن بُعد، في الصحة، والتعليم الرقمي، وقطاع التوصيل والبريد الذي أصبح شرياناً للقطاع الاقتصادي خلال فترة الجائحة.
وزاد العوهلي حول آخر الإحصائيات "95% من الجهات الحكومية تعمل عن بعد، وجرى تبادل خلال جائحة كورونا نحو 143 مليون معلومة في أبريل الماضي".