تقلبات السوق في الصين قد تستمر
لم يكن أحد يتوقع السقوط المدوي لشركة العقارات الصينية العملاقة "إيفرغراند"، فعند مطالعة الرسم البياني أدناه 1 يشير إلى المركز المالي القوي للشركة قبل عام أو عامين فقط. إن مجرد تخيل أن تسقط مثل هذه الشركة ويتراكم عليها تزيد ديون عن 300 مليون دولار أمريكي كان أمراً مستحيلاً. وهنا نود طرح تساؤل، كيف حدث هذا؟ وما هي تبعاته على بقية الأسواق في الصين وآسيا وغيرها من ديون الأسواق الناشئة.
نعتقد أن المشاكل التي تواجه قطاع العقارات الصيني مرتبطة بتأثير السلطات على نطاق واسع، حيث تسببت إجراءاتها بتضييق الأوضاع المالية. وهذا بدوره قاد إلى العديد من حالات التخلف عن السداد في القطاع العقاري، وقد تقود مثل هذه السياسة إلى إحداث المزيد من المشاكل في المستقبل. كان من الممكن بسهولة منع هذه التخلف عن السداد، لا سيما أن الحكومة لديها وسائل وافرة لدعم هذه الشركات وطمأنة المستثمرين.
نعتقد أن الحكومة الصينية ستواصل مقاومة اتخاذ هذا النوع من الإجراءات التي ستضع حداً لهذا الانحدار، ويمكن أن نرى المزيد من التخلف عن السداد. ولغاية الآن، رأينا بعض الإجراءات البسيطة التي تهدف إلى زيادة السيولة على الهامش، مثل تسريع إحالات الرهن العقاري، وتخفيف القيود المفروضة على استخدام الفحم. بالمقابل، لم نشهد بعد ذلك تدخلاً مهماً يمكن أن يوقف هذه الحالة، مثل خفض متطلبات الاحتياطي المصرفي أو زيادة التمويل الاجتماعي الإجمالي، وهو المقياس الرئيسي الواسع للائتمان والسيولة في الصين.
قد نسأل أنفسنا هنا، إذاً لماذا لا تتدخل الحكومة الصينية؟ نعتقد أن الرئيس الصيني شي جين بينغ أظهر جدية بشأن الإصلاح الاقتصادي. لطالما اعتمدت الصين بشكل كبير على الإنفاق غير المعتمد على البنية التحتية، خصوصاً في قطاع العقارات، الأمر الذي أدى إلى تراكم ديون ضخمة للمطورين الذين لا يأتي منهم أرباحاً كبيرة. وهنا يجب التركيز على "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي حددتها الحكومة فيما يتعلق بالاستثمار والتمويل الحضري التي تم الكشف عنها في عام 2020 لتقييد مطوري العقارات. ويسعى الرئيس الصيني بينغ إلى إحراز تقدم اقتصادي حقيقي قبل منحه فترة رئاسية ثالثة في المؤتمر العشرين للحزب في النصف الثاني من العام المقبل. بالتالي، فإن هذا يعني عدم السماح لقطاع العقارات بحل هذه المشكلة بتحمل المزيد من الديون، وهذا يعني التخلف عن السداد وانخفاض النمو.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار أن هذه السياسة المتشددة ممكن أن تنجح على المدى الطويل، ينبغي الالتفات إلى أن 80% من ثروة الأسر الصينية مرتبطة بامتلاك حيازات في قطاع العقارات. ستؤدي الخسائر إلى تحويل الاستهلاك إلى بناء المدخرات مرة أخرى، مما سيقود إلى تراجع النمو الاقتصادي وإبطاء التقدم نحو الاقتصاد القائم على الاستهلاك الذي يهدف إليه الرئيس الصيني. لذلك، فإن الحكومة وكأنها تسير على حبل يتأرجح بين التمسك بالإصلاح الضروري وسياسة "الرخاء المشترك" التي تركز على تضييق فجوة الدخل، وتحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية، وهي سياسة يتغنى بها الحزب الشيوعي الصيني.
وبرأيي أن السياسة الأقرب هي استمرار السير على الحبل المشدود وسنرى مزيداً من التقلبات والمزيد من التخلف عن السداد في قطاع العقارات الصينية. ربما تكون هناك حاجة إلى نوع من الصدمة قبل أن نرى حلًا في شكل تدخل الدولة.
وتتمثل فائدة الاستثمار عبر الأسواق الناشئة الواسعة في القدرة على التنويع بعيداً عن بلد أو منطقة تكون فيها الظروف أكثر صعوبة. وهنا نود الإشارة إلى أن آسيا ليست هي وحدها المنكشفة لقطاع للعقارات في الصين – بل هي تمثل فئة أصول بقيمة 60 تريليون دولار أمريكي شهدت عقوداً من النمو على الرغم من وجود تداعيات عالمية.
نحن ننظر بإيجابية بشكل عام بشأن المخاطر عبر صناديق الأسواق الناشئة في الوقت الحالي، على الرغم من انخفاض حجم هذا السوق بالنسبة للصين. وعند النظر إلى الفروق في ائتمان الأسواق الناشئة مقارنةً بائتمان السوق المتقدم عند تعديلها وفقًا للتصنيفات والمدة، نجد أنها لا تشكل قيمة كبيرة كما كانت في السنوات الخمس الماضية. بالتالي، فإن ائتمان الأسواق الناشئة أيضاً في وضعية جيدة على مدى عام ارتفعت فيه أسعار الفائدة: فقد ارتفع مؤشر الشركات بمقدار 90 نقطة حتى وقت كتابة هذا التقرير، وارتفع ائتمان الأسواق الناشئة ذو العائد المرتفع بما يزيد عن 2.5%.
بموازاة ذلك، يوجد الكثير من الشركات المشجعة التي يمكن الاستثمار فيها عبر الأسواق الناشئة. كما لا يزال الاقتصاد الأمريكي في مكانة قوية للغاية، وهذا يفيد المصدرين في بلدان مثل المكسيك والبرازيل. وحتى مع تباطؤ الصين، فإن الطلب العالمي على البروتين يفيد منتجي اللحوم في أمريكا اللاتينية. كما أن الطاقة كانت هي الأخرى شكلت محور اهتمام الأسواق الكبيرة الأخرى في عام 2021، حيث ارتفع النفط بأكثر من 75% هذا العام، وهذا مؤشر جيد يدعم الانكشاف في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، تحركت بعض البلدان في اتجاه إيجابي، مثل المملكة العربية السعودية، التي أعلنت عن نيتها الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2060.
وفي الختام أودّ الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى تقلبات الأسعار الحاصلة في قطاع العقارات في الصين، ثمة أخطار رئيسية تتمثل بالتضخم، لذلك يجب التركيز على الشركات التي تتسم بمرونة أكبر من ناحية ضغط الأسعار.