صرح وزير المالية السعودي الأستاذ محمد الجدعان بأن هناك الكثير من الفرص لاستثمارات سعودية في إيران والعكس أيضا، حيث لا يرى عوائق طالما سيتم احترام بنود الاتفاق، وأن ذلك قد يحدث سريعاً جداً بعد اتفاقية استئناف علاقتهما الدبلوماسية، فهل يمكن للاستثمارات السعودية أن يكون من ضمنها ما يطور صناعة النفط المتهالكة في إيران؟
رأينا الاستثمارات العالمية لعملاق صناعة النفط أرامكو السعودية في المصب (التكرير) ولكننا لم نرى استثمارات عالمية في المنبع (الاستكشافات والتنقيب)، وربما القرب الجغرافي لحقول النفط المغمورة في الخليج يعزز هذا التوجه، خاصة وأن صناعة النفط الإيرانية لم يتم تطوير بنيتها التحتية منذ منتصف السبعينات (منذ أيام شاه إيران) لعدم وجود استثمارات منبع فيها، فبسبب البُنية التحتية المهترئة ومرافق التصدير القديمة عجزت طهران بأن تصعد من إنتاجها النفطي فوق 3.8 مليون برميل يومياً منذ رفع العقوبات الاقتصادية مطلع عام 2016، ثم هبط إنتاجها إلى 2 مليون برميل يوميا بعد عودة العقوبات الاقتصادية أثناء إدارة الرئيس الأميركي السابق ترامب.
وحتى مع تهاون الإدارة الأميركية الديموقراطية الحالية في فرض قوي للعقوبات الاقتصادية على طهران، إلا أن إنتاج النفط الإيراني غير قادر على تجاوز 2.5 مليون برميل يوميا في ظل عزوف شركات النفط العالمية عن استثمارات المنبع وخروجها من إيران، مما يُجسّد عجز إيران عن العودة القوية للإنتاج قريبا، كما أن إيران عاجزة حتى الآن عن تنفيذ اكتمال كافة مشاريعها للغاز ومرافق التصدير في حقل الغاز المشترك مع قطر South Pars.
الاتفاقية الدبلوماسية السعودية الإيرانية سوف تُساعد في أمن الطاقة العالمي بعد تأمين أقوى لسلامة أهم الممرات المائية لصادرات النفط من العمليات الإرهابية من جهة، ومن جهة أخرى سوف تُشجّع على عودة استثمارات المنبع (الاستكشافات والتنقيب) بعد أن شهدت المنطقة عزوف استثمارات شركات النفط العالمية بعد الجائحة في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى استكشافات نفطية جديدة تستطيع تعويض النقص في الإمدادات النفطية الناتج عن نضوب حقول النفط التقليدية وبشكل متسارع في عدة مناطق في العالم.
لا توجد مفاجآت مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وغالبا أرامكو السعودية هي الأكثر تأهيلًا من أي شركة نفط عالمية في إنقاذ ترهل وتهالك صناعة النفط في إيران، مما يعزز المصالح المشتركة الاستراتيجية، بالإضافة إلى جني جميع مستهلكي النفط والاقتصاد العالمي ثمار هذا التوجه، الذي سيُحول نطاق الخليج العربي إلى منطقة جذب وعمق استثماري دولي كبير، بعد عقود من التوترات الجيوسياسية التي ستكون قد أصبحت من الماضي.
هل سنرى أرامكو السعودية في طهران قريباً؟