على مدار التاريخ العربي والإسلامي، ساهم علماء ومفكرون ومخترعون في بناء الحضارة الانسانية بافكارهم وأبحاثهم ودراساتهم واختراعاتهم. ربما نتذكر الآن بعضا من منجزاتهم، لكن وراء كل انجاز، قصة ومعاناة واتهامات بالجنون احيانا، نرويها في قصة عالم

الجبرتي

عام 1754م.. ولد مؤرخ الشعب عبدالرحمن بن حسن بن برهان الدين الجبرتي بالقاهرة

نشأ الجبرتي في أسرة وافرة العلم والمال وكان والده حسن من كبار علماء الأزهر الشريف

احتضنت دار اباه الأساتذة وطالبي العلم وكانت بمثابة رحابا ثقافيا يتسع لمختلف النقاشات والدروس

حفز ذلك المناخ المثمر، الصغير على طلب العلم.. وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره

وعقب وفاة والده.. قرر الجبرتي أن يجوب مصر ويتصل مع جميع فئاتها صغيرا وكبيرا
ليدون سلوكيات الناس وأفكارهم

جمع الجبرتي قصصه في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» الذي اشتهر باسم «تاريخ الجبرتي»
يعتبر الكتاب أحد أهم المراجع التاريخية في الفترة من عام 1688 وحتى عام 1821م
والمصدر الأكثر أهمية لفهم المجتمع المصري على مدى نحو أربعة قرون من الحكم العثماني

يتناول الكتاب في 4 مجلدات المجتمع المصري من دور العلماء وأنشطة التجار والفلاحين ومكانة المرأة وردود أفعال العامة حول الحروب وزيادة الأسعار

أما كتابه «مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس» فخصصه الجبرتي لرصد حوادث الاحتلال الفرنسي ، أول غزو خارجي في تاريخ مصر الحديث

تناول الأبعاد السياسية والاجتماعية والجوانب التنظيمية للجيش الفرنسي في مدة تزيد على الثلاث سنوات من عام 1798 وحتى عام 1801

اقتبس الكاتب البريطاني بول ستراثرن مقتطفات من الكتاب في صفحات مؤلفه «نابليون في مصر» الذي صدر عام ألفين وسبعة

كان الجبرتي دقيقا في تحريه للأحداث موضوعيا في تدوينه، أمينا في سرده

وقال عن كتابه «عجائب الآثار».. "لم أقصد بجمعه خدمة ذي جاه كبير أو طاعة وزير أو أمير ولم أداهن فيه دولة بنفاق، أو مدح أو ذم مباين للأخلاق"

طلب منه محمد علي باشا أن يؤلف كتابا في مدحه، فرفض الجبرتي

فانتقم منه في ابنه خليل الذي كان يعمل بقصره وقيل أنه قُتِل بتحريض منه

فارق الابن الحياة بين يدي أبيه، فعصف الحزن بقلبه وبكاه حتى ذهب بصره

ظل الجبرتي ثلاث سنوات، لا يكتب أو يقرأ حتى توفي عام 1825م

دقائق 02 أغسطس ,2021

الجاحظ

تعرض لسخرية شديدة بسبب شكله..
حتى أن امرأة اصطحبته لدكان صائغ لتُقدم من خلاله أقرب شكل لصورة الشيطان التي تريد نقشها على خاتم

هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الملقب بالجاحظ
ولد بالموصل في العراق عام ٧٧٦م وكان أحد كبار أئمة الأدب في العصر العباسي

ولقب بالجاحظ لنتوء جلي في حدقتيه

كان الجاحظ قوي المنطق، حاضر الذهن محبا للمعرفة منذ صغره..
ظروف فقره حال دون التفرغ لطلب العلم.. فقضى نهاره في بيع السمك والخبز وقضى ليله في القراءة

تعلم اللغة على يد معمر بن المثنى والأصمعي وأبي زيد الأنصاري والأخفش وتلقى علم الكلام من الفيلسوف إبراهيم النظام

توجه إلى بغداد.. فسطع نجمه واتصل بكبار أهل العلم والدين وتولَّى منصب رئيس ديوان الرسائل للخليفة المأمون

اشتهر الجاحظ بإعمال العقل في نصوصه فكان يقرأ لأرسطو.. فيسخر من مؤلفاته مرة ويستفهم عن مقصده مرة أخرى

كان الجاحظ مفكرا غزير الثقافة.. له مؤلفات قدرت بنحو 360 مؤلفا.. وصل إلينا القليل منها

فترك كتبا في الأدب والفلسفة والحيوان والسياسة والاقتصاد والتاريخ وعلم الكلام والنبات

تميزت كتبه بدقة التعبير وقوة البلاغة.. واتهمه البعض بفحش أسلوبه بسبب نقده الممزوج بالتهكم وإطلاق النوادر

من أهم كتب الجاحظ «البخلاء».. وهو كتاب اجتماعي طريف تناول فيه سيرة الأشِحَّاء بكلمات رشيقة وفكاهات محببة

أما أشهر مؤلفاته فهو «كتاب الحيوان» الذي تجاوز شهرته حدود الرقعة الإسلامية ويمتد تأثيره حتى الآن
وهي موسوعة جامعة من سبعة أجزاء..تناول فيها الجاحظ طبائع مئات الحيوانات

كما احتوى «كتاب الحيوان» على أبيات للشعر الجاهلي، ونقل صورة مفصلة لمظاهر الحياة في القرن الثالث للهجرة

توفي الجاحظ عام ٨٦٨م.. بعدما وقع عليه صفا من الكتب.. فُقضي عليه بين مؤلفاته

دقائق 26 يوليو ,2021

0:00 0:00