كيف تهزم الخليفة وتحافظ على استقرار سوريا؟
نظرًا للافتقار لوجود قوات بريّة تعمل بالتزامن مع الضربات الجوية، يرغب الرئيس باراك أوباما أن تتولى وزارة الدفاع تدريب 15 ألفاً من الثوار السوريين خلال السنوات الثلاث المقبلة، وإعدادهم لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروف باسم الدولة الإسلامية). سيقع على عاتق الثوار الذين سيتلقون التدريب أيضًا مواجهة نظام الأسد المدعوم من إيران، وتهيئة الظروف الملائمة لوضع نهاية للصراع المروع في سوريا، استنادًا إلى التفاوض. حتى الآن، لا يزال برنامج "التدريب والتجهيز" صغير للغاية وشديد البطء ليتمكن من تحقيق أي من هذه الأهداف. إن أرادت الولايات المتحدة الأمريكية حقًا أن تصنع فارقًا، فعليها أن تسرع بتنشيط برنامج "التدريب والتجهيز".
نحن نرى أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، يجب أن يقوم بتغيير طريقته في مساعدة السوريين على مواجهة وتجاوز كلا من الخليفة ونظام الأسد. ليس لدينا مشكلة مع إبرام صفقة نووية سليمة ومدققة مع إيران. مع ذلك فلا ينبغي للنجاح أو الفشل في إتمام الاتفاق أن يحول دون تأمين الولايات المتحدة وشركائها لمصالحهم في سوريا يسودها الاستقرار، ولا أن يتم التخلي عن الملايين من اللاجئين المذعورين والمعدمين الذين لا يجدون المسكن الآمن والأساسي للإنسان.
يرغب غالبية السوريين في نظام حكم يعكس سيادة القانون، والتكامل، والكفاءة، وأن يعطي الأولوية لحقوق المواطنة. برغم ذلك، وقعت البلاد فريسة لانقسام وتصدع بين كيانين غارقين حتى أذنيهما في جرائم ضد الإنسانية: في الشرق تقع الدولة الإسلامية كما تطلق على نفسها، بقيادة الخليفة المزعوم وتقوم بتجنيد العناصر المختلة والمضطربة من بين المسلمين السُّنة في العالم، وفي غرب البلاد نظام ضاري استخدم العنف الطائفي في رده على الاحتجاجات السلمية التي بدأت قبل نحو أربعة أعوام، الأمر الذي حول أجزاء واسعة من سوريا إلى ملاذ آمن للخليفة ونقطة انطلاق لغزوه للعراق في يونيو 2014. لم يكن للخليفة وزميله المجرم في دمشق سوى مواجهة مباشرة محدودة، مع محاولتهما لمحو البدائل من المتمردين القوميين.
إن فشل الغرب في تقديم دعم عسكري جاد للمعارضة السورية القومية أو توفير حداً أدنى من الحماية للمدنيين السوريين ساهم في تدمير البلاد. لقد أضحت سوريا واحدة من أسوأ نماذج الدولة الفاشلة، وفي طريقها لإنتاج عقود من الجرائم عابرة الوطنيات والإرهاب. من المفهوم أن الغرب، الذي استنزف الكثير من طاقته للوصول للاتفاق النووي مع إيران، سيحاول أن يتفادى النظر إلى الكارثة التي أطلقت لها طهران العنان في بلاد الشام عبر الدعم غير المحدود الذي تقدمه لنظام الأسد. إنه أمر يمكن تفهمه، لكن لا يمكن قبوله والتسليم به.
إن التركيز على المدى القريب للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حالياً للقضاء على الدولة الإسلامية أمر منطقي، ولكن لا يجب أن يكون المقابل هو عدم محاسبة نظام الأسد المجرم. من الناحية المثالية فإن القوى الإقليمية سوف توفر إمكانات على الأرض قادرة على العمل مع طائرات التحالف لسحق الخليفة واجتثاثه من سوريا. أما حكومة سوريا الحرة المعترف بها من الغرب، فيمكنها أن ترسّخ وجودها في وسط سوريا وتواصل العمل مع الشركاء ليتم بالفعل بناء جيش وطني سوري. بهذه الطريقة قد يوفر تدمير الدولة الإسلامية أساساً للمفاوضات بين السوريين في سوريا، بدلاً من أن تكون بين السوريين في المنفي في تركيا والنظام المدعوم من الأجانب.
ولكن إذا كان التحرك الإقليمي البري ضد الخليفة أمرًا غير متوقع على المدى القريب؛ فإن النسخة المطورة من برنامج "التدريب والتجهيز"، مع مرور الوقت، قد تسفر عن نتائج إيجابية. بدلاً من إنفاق وقت طويل ليكون في المتناول عدد من الجنود قادرين على القيام بمهام ضئيلة الشأن، كما تم تخيّل برنامج التدريب والتجهيز حالياً، فإن قوة سورية ستكون قادرة في النهاية على تحقيق الاستقرار في البلاد ووضع الأساس لحكومة شرعية.
ونرى أن واشنطن وشركائها يجب أن يضعوا نصب أعينهم هدف خلق قوة مستقرة وطنية سورية وأن تبدأ بنحو 50 ألف: 3 فرق آلية تملك قدرات قتالية عالية، ومهارات التعاون العسكري المدني وحماية المدنيين. وينبغي التعجيل ببدء التدريب. ويجب أن يكون التجنيد والتدقيق تحت إشراف مجموعة من الاستشاريين السوريين البارزين: مجموعة يمكنها بشكل غير رسمي أن تملأ الفراغ في السلطة حتى تتمكن المعارضة السورية من تنظيم صفوفها والعمل سويًا. في حقيقة الأمر، دون توجيه سوري وهوية سورية، فلا توجد قوة مدعومة من الأجانب ستحظى بالشرعية في نظر السوريين.
إن الوحدات القومية داخل سوريا يمكنها أن تضع اللبنات الأولى لقوة جديدة شريطة أن تؤمّن كلاً من الولايات المتحدة وتركيا مجال جوي آمن في شمال سوريا لتسهيل عمليات التحالف الجوية، وحماية المدنيين من البراميل المتفجرة، والهجوم الكيماوي وتمكين الحكم الذاتي المحلي. وسيكون داخل سوريا قاعدة لتجنيد الضباط المنشقين وكذلك المدنيين السوريين، الذين يمتلكون مهارات وخبرات عسكرية بفضل التجنيد الإجباري لفترات طويلة في الجيش السوري.
لقد سعت إيران لتحقيق نصراً عسكرياً لعميلها: أن يترك له غرب سوريا وبقية البلاد في يد الخليفة. أما الغرب فقد أصر على أنه لا يوجد "حل عسكري" لسوريا وتصرّف وفقًا لهذه الخلاصة، وترك البلاد والمناطق المجاورة لها تحت رحمة رجال يحكمون بقوة السلاح. إن بناء قوة سورية وطنية مستقرة قادرة على تهدئة الأوضاع وإحلال السلام في البلاد ضد كل الأعداء سيساهم في تحقيق أفضل النتائج على المستويين: مجموعة جديدة من الحقائق العسكرية على الأرض، تكون أساساً للوصول إلى نتائج سياسية لائقة تحقق السلام وتكون قائمة على التفاوض.
المؤلفون المشاركون:
- السفير فريدريك هوف، المجلس الأطلنطي، مستشار سابق بوزارة الخارجية في الشأن السوري
- د. بسمة قضماني، معهد الإصلاح العربي، ناشطة وأكاديمية سورية
- جيفري وايت، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى – مسئول استخبارات سابق، ومتخصص في الشئون العسكرية والأمنية للشام وإيران