اتركوهم يختارون!
العديد من الأسر تفرح بتخرج بناتها وأبنائها من الجامعات، بعد ما مرّ المجتمع بقرارات جدلية تعليمية متفاوتة بين التعليم الالكتروني والاختبارات الورقية، والمقارنات مع الدول المتصدرة بمؤشرات التعليم بالعالم في ظل جائحة كورونا، ولا شك أن المرحلة القادمة لجيل كامل مهمة وتؤثر على المخرجات في السوق المحلي للبلد، فهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً مع حاجة الكويت من تخصصات جديدة وحاجات العالم الحديث من علوم تخدم البشرية.
فقد أكدت الدراسات في علم الاجتماع أن العديد من الطالبات والطلاب يختارون تخصصاتهم الجامعية بناء على توجيهات أولياء أمورهم، وهذا ما تم الكشف عنه من خلال بعض الأبحاث التي أكدت أن %60 من الطلبة يتأثرون منذ المراحل التعليمية المبكرة بالسؤال التقليدي الذي يطرحه الأبوان في سن صغيرة «ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟» ويعيش هذا الطالب بضغوط بين قدراته ورغباته وتوقعات الأهل والمقربين، التي تشكل ضغطاً اجتماعياً للطالب ووجاهة اجتماعية للعائلات.
ففي الدول الحديثة، نجد خيار التخصصات مفتوحاً ودور المؤسسات العلمية في الإرشاد واضحاً، وخصوصاً في المدارس قبل تخرج الطالبة والطالب من الثانوية العامة، حيث تساعده المدرسة في معرفة الخيارات وتجهيز المتطلبات من اختبارات قبول واكتشاف ميوله، لتوجيهه على سنوات عديدة بمراقبة تغييرات شخصيته ورغباته واهتماماته.
ومع وجود التكنولوجيا ووسائل البحث والتقديم الإلكتروني على الجامعات، أصبح اختيار التخصص أسهل بكثير لرسم المراحل الاكاديمية القادمة للطالبة والطالب، والتنوع في الاختيارات متاح بشكل أوسع، وبوعي الأهل أصبح التجديد والتغيير أيضاً متاحين للعديد من الأسر الحديثة التي تنظر للمعدل بأنه ليس هو البوصلة الوحيدة بل هو وسيلة للاختيار، فهناك من أبنائنا من يحصل على معدل عالٍ جداً ويقرر دراسة تخصص غير تقليدي، يحبه ويبدع به ويطور نفسه وينمي البلد، فالكويت محتاجة للإبداع في التخصصات غير التقليدية لتحارب التكدس والإحباط في المراحل القادمة من التنمية.
فجمال الدول المتقدمة بجمال تعدد وجود الجامعات للتخصصات غير التقليدية، التي تزيد من أعداد غير التقليديين من سكانها بطريقة تفكير حديثة، مثال على ذلك انتقلت ايطاليا لعصر النهضة بوجود ليوناردو دافنشي الذي أطلق عليه أب العلم الحديث، لإسهاماته بفكره غير التقليدي للثورة العلمية التي نقلت أوروبا الشمالية من العصور الوسطى الى عصور الازدهار والثورة العلمية وأطلق عليه عصر النهضة.
ودمتم سالمين.
*نقلاً عن "القبس"