جائِحة المعلومات المُضَلِّلة
حاوِلْ أن تؤجل قليلاً التقديرات الإيجابية أو السلبية لهذه المعلومة، وانظر موضوعياً إلى حجم الأثر، فهناك تقرير يؤكد أن 65 بالمائة من المعلومات المُضلِّلة، الخاصة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، مصدرها 12 شخصاً فقط، ممن لهم شعبية كبيرة وأعداد ضخمة من المتابعين على وسائل التواصل، مما جعل آراءهم تنتشر بشدة، حتى أن بعض التدوينات جرى تداولها 812 ألف مرة، فى الفترة من أول فبراير إلى 6 مارس العام الحالى، أى فى 34 يوماً فقط! والخطير فى الأمر أن هذه التدوينات تتضمن أخطاء علمية مخيفة تقول إن اللقاحات المضادة لعدوى كورونا سامة وأنها تسبب السرطان ويمكنها أن تغير الحمض النووى لمن يتلقونها، وإن شركات الأدوية هى المتسببة فى الجائحة..إلخ، وكان أخطر الآثار المدمرة أن بعض متابعى هذه الصفحات الواثقين فى أصحاب التدوينات ثاروا وهددوا بقتل المسئولين فى هذه الادعاءات الكاذبة! وقد قام بهذا البحث مركز مكافحة الكراهية الرقمية، وهو مؤسسة غير ربحية تأسست عام 2017، لها مكاتب فى واشنطن ولندن. وقد وصف التقرير هذه المجموعة بأنهم (المضللون الاثنا عشر)! وكان أول تعليق من الرئيس الأمريكى جو بايدن الأسبوع الماضى: (إنهم يقتلون الناس!). ثم توالت فى أمريكا التصريحات الرسمية والتعليقات فى الصحافة والتليفزيون تنتقد وسائل التواصل الاجتماعى لعدم اتخاذها إجراءات كافية فى التعامل مع هذا التضليل.
وفى بريطانيا، لاحَظ بعض المراقبين، فى سبتمبر من العام الماضى، وقبل التقرير المشار إليه، أن شركات التواصل لم تغلق سوى 2 بالمائة فقط من الصفحات التى تُروِّج التضليل، وانتقدوا هذه الشركات بشدة لأنها تضع أولوية التربح قبل أى شىء، لأنها تحقق أرباحاً خرافية من الصفحات التى تتابعها أعداد كبيرة، مما يجذب المعلنين لنشر إعلاناتهم فيها، مما يجعلها تغض الطرف عن ترويج التضليل، وكذلك تتحايل على مطالبتها باتخاذ موقف يراعى المصلحة العامة ودقة المعلومات، وطالبوا بانتزاع الصلاحيات من هذه الشركات التى لم ينتخبها أحد ولا تخضع للمحاسبة. وقال تقرير برلمانى إن ما سمّاه (جائحة المعلومات المضللة) تمثل تهديداً وجودياً للديمقراطية.
* نقلا عن "الأهرام"