رؤية اولية لتدابير الرئيس التونسي
اصدر اتحاد الكتاب التونسيين بيانا بيّن فيه ان الخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية طال انتظارها مثمنا جرأة الرئيس على تحمله مسؤولية حماية شعبه وانقاذ وطنه وفي اللحظة التاريخية الملحة واعتبر البيان ان خطوته تقع في صميم صلاحياته وهو يساند بشكل مطلق القرارات الجريئة لرئيس الجمهورية باعتبارها اجراء قانونيا ودستوريا والبيان يرفض كل التدخلات الخارجية الي من شانها التاثير على الشان الداخلي المفترض ان يكون تونسيا خالصا ،
ويدعو البيان كافة المثقفين والممواطنين والشبابخاصة الى الالتفاف حول مؤسسة الرئاسة والمؤسسات العسكرية والامنية لحماية الحرية والكرامة التي تليق بالشعب التونسي وقد وقع البيان المذكور من قبل رئيسه مع العلم ان العديد من قطاعات الشعب التونسي كانت مع هذا الاجراء .
اذا اعتبرنا بيان اتحاد الكتاب التونسيين وشرائح عديدة من الشعب التونسي المتضمنة الاحساس بالخطر الذي يحيط ببلدهم جراء السياسات المتبعة من قبل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على حد السواء والاخطار التي اوصلت تونس لمستوى العجز تقريبا امام جائحة كورونا فضلا عن الاقتصاد المتهالك ومستوياته المدنية وتعطيل العديد من مؤسسات الدولة والحيلولة دون القيام بواجباتها ، وامام هذه الازمات والمشاكل هل يمكن القول بان الاجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية تتفق واحكام الدستور التونسي الصادر 2014 وضمن الصلاحيات المخولة فيه لرئيس الجمهوية الوارد احكامها في الفصول من 76 الى نهاية الفصل 88 ام انه خالف تلك الفصول واحكامها الدستورية . خاصة الاكاديمي البارزفي مجال القانون الدستوري والقانون الدولي فضلا عن اهتماماته بحقوق الانسان .
المتتبع للشان التونسي والوضع الذي وصل اليه البلد لا يعتبر ما قام به الرئيس مفاجأة او انعطافة سياسية سريعة بل ان المبادرة جاء ضمن استحقاق وطني ودستوري ملح جدا فرض على الرجل هذا الاجراء وهو المهني والاكاديمي ويعي ضمن حرفيته ما يقوم به اذ وضع امامه احكام الفصل 80 من الدستور وامسكه بحزم وتمثل نصوصه التي تمنحه سلطات تقديرية واسعة عندما يتعرض الوطن الى الاخطار التي تمس استقراره وامنه وسيادته وحرية مواطنيه مع فقدان امكانية النظام السياسي القائم على ايجاد الحلول او الوصول اليها .
في الفصل 80 من الدستور خول الرئيس التونسي الصلاحيات الدستورية اللازمة لاتخاذ التدابير التي تحتمها الحالات الاستثنائية عندما يتعرض كيان الوطن الى خطر داهم ، ولما كانت مفردة ( الخطر الداهم) فضفاضة وربما تخضع لتفسيرات مختلفة تؤدي الى اختلاف الرؤى أحيانا واختلاف الاحكام احيانا اخرى فقد عمد المشرع الدستوري التونسي الى حصرها باربع حالات اوردها في نص الفصل المذكور وهي :
اولا – خطر داهم مهدد لكيان الوطن . ثانيا – الخطر الداهم لأمن البلاد . 3 – الخطر الداهم لاستقلال البلاد . رابعا – عجز النظام السياسي القائم عن معالجة هذه الاخطار .
وجد الرئيس ان الاخطار تلك قائمة ومهددة للوطن في كيانه وأمنه واستقلاله وان السلطة التشريعية مجتمعة مع السلطة التنفيذية عاجزة عنايجاد الحلول ، فلا مناص والحالة هذه سوى اعمال الحكام الفصل 80 من الدستور وتطبيقه بحرفية فاعلة وهذا ما دفع الرئيس قيس سعيد الى هذه القناعة واتخذ التدابير التي فرضتها الحالات الاستثنائية .
ان هذه التدابير تلزم الرئيس بالعودة الى الحياة السياسية العادية ، وان ما تم اتخاذه جاء على سبيل الاستثناء والاسباب الواردة لاتخاذه ، اذ ان النص الدستوري يعتبر مجلس نواب الشعب – المجمدة اعماله من قبل الرئيس - في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة وليس لرئيس الجمهورية صلاحية حل مجلس نواب الشعب كما لا حق له توجيه اللوم الى الحكومة .
هذه التدابير التي اتخذها رئيس الجمهورية مستندا الى الاوضاع الذي وصل اليها الوطن وهو يوظف حرفيته ومهنيته الدستورية لذلك ، فان خصومه – من دون شك – سوف يطعنون بعدم دستورية التدابير التي اتخذها الرئيس وهم يقولون ان تلك الحرفية والمهنية سوف لن تشفع له امام المخالفة الدستورية المعطلة لاعمال مجلس النواب المفترض ان يكون في حالة انعقاد حسب نص الفصل 80 ذاته . وان التدابير لا تتخذ من قبل الرئيس الا بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب واعلام المحكمة الدستورية ، والامر الفصل في هذا الموضوع اي بين الرئيس وخصومه يعود الى المحكمة الدستورية للفصل فيه بعد مضي ثلاثين يوما من تاريخ اتخاذ التدابير وبطلب من رئيس مجلس نواب الشعب او ثلاثين من اعضائه ، على ان تصدر المحكمة الدستورية حكمها علانية في اجل اقصاه خمسةعشر يوما .
وعندما تزول الاسباب التي وقفت وراء اتخاذ التدابير فلرئيس الجمهورية ان يصدر توجيها بانهاء العمل بتلك التدابير ببيان موجه الى الشعب .
نقلاً عن "المدى"