قدوة الإخوان لكوادرهم
باستثناء الإخوان، فإن كل الأحزاب والتنظيمات السياسية تُدرِك حقيقة مستقرة، وتحرص على الأخذ بها، وهى أهمية أن يستمر الحوار بين الأجيال داخل الحزب أو التنظيم، حيث تقوم القيادات والكوادر الأكبر سناً وخبرة بنقل حصيلتها إلى الأجيال الصاعدة. أما قيادات وكوادر الإخوان الذين فضلوا الهروب خارج البلاد، بعد أن تبين لهم فشلهم فى رابعة والنهضة، وأن تهديدهم بحرق مصر على وشك أن ينقلب عليهم، وأن محاكماتهم قادمة بلا شك، فقد تعمدوا أن يتجاهلوا هذه الحقيقة، ولم يكترثوا بالخسائر التى تعود على جماعتهم، وفضلوا عليها مصالحهم الشخصية بأن يهربوا إلى الخارج، بل إنهم زجوا بقواعدهم وجماهيرهم فى مأزق الاعتصام المسلح، ولم يكتفوا بالتدليس عليهم بأن هذا هو الموقف الصحيح، سياسياً وفكرياً وإيمانياً، بل احتالوا عليهم بالدجل العلنى بإن الملائكة تنزل من السماء لتشاركهم الاعتصام! ثم تكشَّف بعد هذا أنهم كانوا فى نفس الوقت يضعون خطط الهروب، ويُسلِّمون أنفسهم لأعداء مصر، ويتحصلون منهم على أموال سخية، مع استمرارهم فى الإدعاء بأن ما يفعلونه هو النضال الحقيقى!
ولم يكتفِ هؤلاء بأن يقدموا أنفسهم لكوادرهم وقواعدهم كنموذج الهارب الباحث عن مصلحته على حساب الجماعة، وإنما أوغلوا أيضاً فى فساد مالى مشين فى السطو على ميزانية الجماعة، المخصصة علناً لأغراض أخرى، ولم تعد حالات الفساد أسراراً يهمس بها عدد قليل وراء ستار، وإنما خرج الفاسدون ينشرون على الملأ تفاصيل المسروقات، وتكفل كل سارق بفضح السارقين الآخرين، مع أدلة عن حياة الترف المريب التى يعيشها..إلخ! وعلى الناحية الأخرى، ومع فضح القيادات وانهيار السمعة وتفشى التكذيب، دخل بعض شبابهم فى أزمات نفسية، وعانى الطلبة فى الخارج من تبديد الميزانية المخصصة لدراساتهم، بما أوصل بعضهم إلى التشرد فى دول أوروبية بلا مأوى، مع إنذارات من الجامعات بالفصل لعدم تسديد الرسوم..إلخ.
وأما العجب العجاب فهو أن يتعامى بعضهم عن كل هذا، وأن يُصرّوا على ما كانوا عليه قبل كشف المستور، وأن يتباكوا على أن مصر خسرت الفرصة الثمينة التى وفرها حكم مرسى!
*نقلاً عن "الأهرام"