ملاحظات ترامب عن أفغانستان
يتشابه ترامب فى بعض الأشياء مع السياسيين بعد تركهم مناصبهم، ولكنه يختلف معهم فى أشياء أخرى، لأنه، عملياً، يسعى إلى العودة. لذلك ينبغى الحرص فى تفسير تصريحاته الحالية لأنها لا تزال منحازة، كما أنها تنطوى على مزيج من التخديم على رؤيته، مع رغبة النيل من خصومه، مع سعيه، فى كل الأحوال، لتحقيق مصالح لحزبه ولخطه السياسى ولشخصه. وهذا مدخل مهم عند تناول تصريحاته الأخيرة عن أفغانستان. مع مراعاة، أنه كان يطالب منذ ما قبل توليه الرئاسة بالانسحاب، ثم دخل بالفعل، وهو رئيس، فى مفاوضات جادة مع طالبان حول التفاصيل.
هو الآن لا يعترض على مبدأ الانسحاب، ولكنه ينتقد بشدة طريقة بايدن فى أن ينسحب عسكرياً قبل أن يُنهِى مهمة إخراج المدنيين الأمريكيين، ويعترض على السماح بوقوع معدات عسكرية يقدرها بقيمة 85 مليار دولار فى أيدى طالبان، كما لا يرضى عن أن يبدو الأمر وكأنه خروج أمريكى لا رجعة فيه، ويقول إنه يجب إبداء أننا جاهزون للعودة، لأنه يرى أن الروس يستعدون الآن لملء الفراغ الناجم عن انسحاب أمريكا، وأكد أنه لو جرى الانسحاب فى ظل إدارته لما كان بمثل هذه الكارثة، التى اعتبرها أكبر إهانة لأمريكا، وأنها ستؤثر على علاقاتها الدولية لعشرات السنين.
ولما كان ترامب أكثر تأثيراً فى الجماهير منه على السياسيين والمثقفين، فإن هذا مما يدعو إلى الاهتمام بمداخلة كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومى ثم وزيرة الخارجية فى إدارة دبليو بوش، وكان لها مكانة خاصة فى فترة غزو أفغانستان وملاحقة طالبان والقاعدة. فقد أكدت فى مقال بصحيفة (واشنطن بوست)، أن أمريكا تسرَّعت فى الانسحاب، وأن الأفغان لم يختاروا طالبان، وأن القول بهذا مدمِّر وغير عادل. وفى رأيها أن طالبان كانت مضطرة للتراجع مع الشتاء، وأن هذا كان سيتيح فرصة للحكومة الأفغانية لحماية كابول من السقوط.
كلام ترامب ورايس وآخرين سيبلوره خبراء، فى تفاصيل بالأرقام ودلالات على الأرض، وهى مادة خصبة مرشحة لمعارك، بين الديمقراطيين والجمهوريين، لن تنتظر الانتخابات الرئاسية.
* نقلا عن "الأهرام"