ثورة ما بعد «فيس بوك»
تتصاعد فى جميع أرجاء العالم ردود الأفعال، التى تختلط فيها الدهشة بالإعجاب بالآمال الكبرى، منذ إعلان مارك زوكربيرج الخميس الماضى عن مشروعه الهائل الجديد، الذى توقف البعض فيه عند مجرد تغيير اسم موقع (فيس بوك)، ولم يلتفتوا إلى الطفرة النوعية فى مسار الإنسانية بالارتقاء الخيالى فى خدمة فيس بوك، الذى كان فى بداياته مجرد نصوص تنتقل عبر الشبكة العنكبوتية، ثم، وعندما توافرت الهواتف المحمولة المزوَّدة بكاميرا، صار الإنترنت أكثر بصرية وحركية، ثم، ومع زيادة سرعة الاتصالات، أصبح الفيديو وسيلة أكثر ثراءً فى مشارَكة الخبرات، أى أننا كنا ننتقل من النص إلى الصورة ثم إلى الفيديو. وأضاف زوكربيرج أن المنصة المطروحة حالياً تجعل الإنترنت مُجَسَّداً، حيث سيصير المتعامل معها فى قلب التجربة وليس مجرد مشاهد، وهو ما أطلق عليه (ميتافيرس)، وهى تسمية باليونانية القديمة بمعنى (ما وراء الكون)، وقد صاغها أديب أمريكى فى رواية له منذ نحو 30 عاماً. وقال زوكربيرج إن أحد عناصر الجودة الإضافية لميتافيرس هى أن المتعامل معها سيحس وكأنه مع شخص آخر فى مكان آخر، وهو تحقيق لحلم الحضور مع الطرف الآخر على الإنترنت، وهى أكبر نقلة نوعية فى التكنولوجيا الاجتماعية.
وبرغم أن هذا الكلام شديد الجاذبية لكل المتعاملين مع الإنترنت، إلا أنه ليس أهم ما فى ميتافيرس، التى سوف يكون لها أثر ضخم فى مجالات شتى، حيث ستجعل المتعامل معها قادراً على فعل تقريباً أى شئ يمكن تخيله، مثل الالتقاء مع الأصدقاء والعائلة، والعمل والتعلم واللعب والتسوق والإبداع، إضافة إلى تجارب جديدة تماماً لا يمكن أن توفرها أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المتاحة الآن، حيث سيصبح قادراً على الانتقال الفورى، فى صورة ثلاثية الأبعاد، ليكون فى المكتب دون أن ينتقل، أو فى حفلة موسيقية مع الأصدقاء..إلخ. وسوف يؤدى كل هذا إلى فتح مزيد من الفرص بغض النظر عن المكان الذى يعيش فيه الشخص، أى أنه سيكون قادراً على قضاء المزيد من الوقت فيما يهمه، والاستفادة بالوقت المستنفد فى الانتقال.
* نقلا عن "الأهرام"