العودة إلى مصر

عبد اللطيف المناوي
نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط

تظل مصر تفاجئنا، حتى نحن أبناءها، بحجم تأثيرها على البشر ومدى غناها الذى اكتشفه كل من مر بها أو عرف عنها.

الدعوة كانت بسيطة ومثيرة للفضول فى نفس الوقت. سفير البرازيل فى مصر يدعو لافتتاح معرض عنوانه «العودة إلى مصر»، يحتوى على صور لمصر فى القرن التاسع عشر خاصة بالإمبراطور البرازيلى دوم بيدرو الثانى. وفى الدعوة صورة قديمة جدًا لأحد أهرامات الجيزة ورأس «أبوالهول» وعدد من الأشخاص، بينهم مصريون وأجانب. علمت فيما بعد أن الإمبراطور أحدهم.

مادة اعلانية

ذهبت إلى مركز الجزيرة للفنون بالزمالك، حيث المعرض، أبديت دهشتى لسفير البرازيل أنطونيو باتريوتا من أن البرازيل كانت إمبراطورية فى يوم من الأيام، وأضاف إلى دهشتى عندما قال إن عمرها، أى النظام الإمبراطورى، لم يزد على 66 عامًا، وذلك لأن الإمبراطور نفسه لم يكن حريصًا على استمرارها، بل كان تقدميًا فى أمور عديدة، من بينها هذا الموقف.

زار بيدرو الثانى، إمبراطور البرازيل، مصر أكثر من مرة خلال القرن التاسع عشر، وتجول فى شوارع القاهرة ومدن الدلتا والقناة وقرى الصعيد، وتعتبر رحلته مصدر إلهام لكل من شاهد مجموعات صوره أو الذين تناولوا جغرافية رحلته المثيرة.

إمبراطور البرازيل بيدرو الثانى، الذى يُعد مؤسس دولة البرازيل الحديثة، فى 25 مايو 1871، بدأ رحلته الأولى لمصر، التقى فيها الخديو إسماعيل. رحلته الثانية 1876 وثقها بالصور الفوتوغرافية النادرة، شركة توماس كوك نظمت له رحلة على متن السفينة ذهبية، من القاهرة حتى وادى حلفا جنوبًا، وكان اهتمام دوم بيدرو موجهًا بشكل كبير للآثار المصرية الموجودة على ضفاف النيل، وكذلك نجد وصفًا للبشر المحيطين بالآثار.

كان الإمبراطور شغوفًا بتعليم شعبه- مازال الكلام للسفير البرازيلى- وكان محبوبًا جدًا، مؤكدًا أن الصور الفوتوغرافية لرحلته فى مصر تُظهر اهتمامه بسقارة والأهرامات، كما زار معابد الصعيد فى الأقصر وقنا وأسوان، واهتم برصد حركة المصريين وأزيائهم وعاداتهم وتقاليدهم.

أُطيح بالإمبراطور البرازيلى فى انقلاب مفاجئ من قبل الجمهوريين، فى وقت سئم فيه من الملكية ولم يكن يتوقع مستقبلًا إيجابيًا للنظام الإمبراطورى، على الرغم من التأييد الشعبى الكبير الذى حظى به، ولم يدعم أى محاولة لاستعادة النظام الإمبراطورى.

أمضى السنتين الأخيرتين من حياته فى المنفى فى أوروبا، واكتشف من نفوه قيمته كنموذج للجمهورية البرازيلية بعد عدة عقود من وفاته، استعيدت سمعته، وأعيد رفاته إلى البرازيل مع احتفالات فى جميع أنحاء البلاد.

نظر المؤرخون إلى الإمبراطور نظرةً إيجابيةً للغاية، وصنفه العديد منهم أعظم شخصية برازيلية، وترك وراءه صورًا لمصر وحضورها وحضارتها بأعين إمبراطور مختلف.

* نقلا عن " المصري اليوم "

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة
  • وضع القراءة
    100% حجم الخط