من أجل لبنان وليس غيره!
لبعض الإخوة في لبنان "رجال ونساء" من النشطاء... قد يكون الموقف الخليجي الأخير تجاه لبنان ملتبساً ومن المهم توضيح الحقائق من المنظور الشعبي الخليجي أو بعضه على الأقل.
أولاً: لا أحد في الخليج يكره لبنان، أي لا توجد ضغينة مسبقة ومتعمّدة ضد لبنان الوطن أو المواطنين اللبنانيين. على العكس توجد محبة وود كبيرين، ومن ردود الأفعال في وسائل التواصل الاجتماعي على الساحة الخليجية بعد الأحداث الأخيرة يمكن معرفة أن هناك "أسفاً" واضحاً من الجمهور الخليجي على ما وصلت اليه الأمور.
ثانياً: يرى البعض في لبنان -ولا يوافق كثيرون على ذلك الرأي- ولكنه رأي مطروح، أن "حزب الله" ذهب إلى الحرب في سوريا، لأن "داعش" قد وصل الى الضاحية الجنوبية، ولولا دخوله الحرب في سوريا لربما استولى "داعش" على كل لبنان!. إلى جانب المبالغة المضخمة في هذا القول القريب الى اللاعقلانية، ولكنه في العمق يعني أن عليك إذا هوجم بلدك أن تتخذ كل الخطوات "الليّنة" أو "القاسية" للدفاع عن مصالحك ووطنك! وهذا بالضبط ما فعلته الدول الخليجية ... إنها ترى تدخل "حزب الله" في تدريب ومساعدة الحوثييين في اليمن عسكرياً وتهريب المخدرات، اعتداء على أراضٍ ومصالح خليجية! وبالتالي من حقها الطبيعي أن تدافع عن نفسها، وقد سلكت الطريق "الليَن" في ذلك.
ثالثاً: يرى بعضنا أن وجود فريق مسلح بكثافة في بلد ما بجانب القوات العسكرية الرسمية، يعطل البلد ويأخذه الى سكة الفشل، وأن معظم، إن لم يكن كل المشكلات اللبنانية من تدهور العملة الى فقدان الدواء فالبطالة وفقدان الوقود، هو أمر طبيعي يحدث في سلسلة تحكّم الحزب في الدولة تدريجياً، بالتالي فإن جزءاً من اللبنانيين غير راضين عن هذا الوضع، والجميع يتعاطف معهم، فقد أصبحت دولتهم تقريباً تابعة لدولة أخرى، بعض اللبنانيين يفاخرون بهذه التبعية على رؤوس الأشهاد، خروجاً على قواعد المواطنة. ربما بعض المواطنين اللبنانيين راضين على هذا الوضع، وربما هناك أخرون مرغمون على الرضوخ، وفئة أخرى تقاوم بما يتوافر لها من وسائل، إلا أن ما هو قائم بالنسبة إلى الدول الأخرى ببساطة غير مقبول. لقد تمت تصفية عدد كبير من رجال السياسة اللبنانيين ورجال الفكر من الذين أبدوا مقاومة للمشروع، من المرحوم رفيق الحريري مروراً بجبران تويني ومحمد شطح وحتى لقمان سليم من بين سلسة طويلة من الشهداء، لذلك يسكت البعض خوفاً، ويسكت آخرون تزلفاً وربما هناك سلسلة مرشحة للاغتيال في المستقبل، فكيف يمكن لإنسان عاقل أن يتعايش مع هذا المشروع؟
رابعاً: تغلّبت "الدويلة" على الدولة، وقد يكابر بعض السياسيين أنهم يحكمون الدولة، ولكنها في الواقع غير موجودة، فحتى أسماء بعض الشوارع تسمى من خارج قرار الدولة، ويقوم بعض أبناء الدويلة بشن الحروب الكلامية على الآخرين، وأيضاً الحروب الساخنة المختلفة في عدد من الجبهات، ومنها تهريب المخدرات وأيضاً الاشتراك في تدريب ومساعدة مجموعات تحارب الدول الخليجية، فكيف يمكن التعامل مع الدولة وهي غير قادرة على "ضبط" بعض مواطنيها أو حتى ترك مؤسساتها القضائية والسياسية تعمل؟.
خامساً: المشروع المطروح في منطقتنا، إن كان يسمى مشروعاً - هو سيادة الهيمنة الإيرانية بواسطة أذرعتها "البعض يفضل التعبير الأدق بواسطة عملائها" وهو أمر ليس بالسر المخفي، وهو مشروع لم ينتج منه إلا العوز والتدهور الاقتصادي والقمع المنقطع النظير لأهله، كما قد خرّب أوطاناً عربية شاءت الظروف أن تكون فاشلة، وتتمدد أذرع إيران فيها، مثل العراق واليمن ولبنان. أما وجه المشروع الاجتماعي والسياسي، فهو كئيب بالمعنى الحقيقي - فهناك انتخابات ولكن، تنتخبون من نقرر، نحن سلطة الملالي الصغيرة، ومن نسمح لهم بالترشح، سواء على مستوى القيادات العليا "رئيس الجمهورية" أو الوسطى "أعضاء البرلمان". أما في الموضوع الاجتماعي، فهو كما يعلم الجميع ضغط بشدة على الحريات ووضع النساء في مكان ليس أكثر من المواطنة من الدرجة الثانية، وثالثاً حشر التعليم بأفكار جامدة تتيح تحكم السلطات في الأجيال الجديدة. هذا شكل المشروع وهو بقيادة رجال الدين، وهم فئة سادت في العصور الوسطى، ولكنها لم تعد موجودة أو مقبولة في العصر الحديث في أي بقعة من العالم. فمثلاً، المشروع الحوثي في اليمن هو إعادة شكل (متخلف) من أشكال الإمامية، والتي رفضها الشعب اليمني قبل أكثر من ثلاثة ارباع القرن، ومن يتابع ما يفعل الحوثي في اليمن تهوله تلك (النكوصية) وفرض الخُمس على التجار والقمع الهائل الى درجة تنفيذ أحكام الإعدام بحق المخالفين لسلطانهم في الساحات. وإجبار الطلاب على دراسة مناهج بالغة التخلف.
سادساً: أمام كل تلك المعطيات فإن الخيار هو مشروع "إنقاذ لبنان" وخلاص هذا البلد من ذلك المشروع الإلحاقي والظلامي، وهو أمر متروك للبنانين أنفسهم، فلن يقلّعوا شوكهم إلا بأيديهم، فالأجندة لبنانية، والأزمة الحالية ليست قريبة الى الحل، لأن امام اللبنانيين خيارين، اما الموافقة على إلحاق وطنهم بالآخرين وإدخال الوطن اللبناني في الظلامية، أو مقاومة تبدأ بالجهر بالرأي.
نقلا عن النهار