أثر المرور على المشاكل العائلية
تحدث عدد من الباحثين والمسؤولين عن تدني الإنتاجية عند الموظف السعودي. الحديث في معظمه يدور حول الموظف السعودي الحكومي. نظرة تقليدية لكلمة إنتاجية. فيما مضى كانت كلمة موظف تقود أذهاننا للموظف السعودي الحكومي فقط. في ذاك الزمان كان الأمر طبيعياً فغالبية الموظفين السعوديين يعملون في القطاع العام أما السعوديون الآخرون فلم يكن أحد يوليهم اهتماماً لقلتهم وبسبب أن معظم الناس لم تكن تدرك معنى الترابط بين الإنتاجية هنا والإنتاجية هناك كزوجين في اقتصاد واحد.
تحدثنا عن أسباب تدني الإنتاجية. لم أقرأ من بينها القلق أو الخوف. ثمة سبب لتدني الإنتاجية يحتاج قراءة متأنية. لا يمكن لإنسان أن يعطي في ظل القلق أو الخوف. لا نحتاج إلى علماء نفس واجتماع وغيرها ليدلونا على ذلك. عندما تتشاجر يومياً في منزلك ستنخفض إنتاجيتك. عندما تمر بصعوبات مالية ستنخفض إنتاجيتك. عندما تتوتر علاقتك برئيسك بزملائك في العمل ستنخفض إنتاجيتك.
التوترات الفردية يمكن ملاحظتها. يستطيع المدير الناجح أن يعرف أن هناك خطباً أدى إلى خفض إنتاجية فلان أو فلان الآخر. لكن إذا كان سبب القلق عاماً يشمل الرئيس والمرؤوس وكل العاملين وأهل البلد كلها فلن يلاحظ تأثيره على العمل. لا يمكن أن تكون إنتاجية الإنسان السوري أو الليبي هذه الأيام مثل إنتاجيتهم قبل الحرب الأهلية. دراسة هذا الانخفاض يحتاج إلى مقاربة مختلفة..
منحنا الله في بلادنا السلامة من الحروب ودواعي عدم الاستقرار لكن الثراء والاستقرار لهما نتائج عكسية أيضاً. لكي تعرف ذلك طالع في شخصية الإنسان السعودي في البيت وفي العمل وشخصيته أثناء قيادة السيارة. ستلاحظ أنك أمام شخصين مختلفين. الأول مؤدب ويحترم الآخرين ويتعاون ويؤثر على نفسه. سيقدم لك أي مساعدة تطلبها إذا استطاع لكن ما الذي يحدث له أثناء قيادته للسيارة. يصبح شخصاً آخر. ليس ذاك الإنسان الذي عرفته. يصبح في حالة توتر ومتصادم مع العالم. تغيب عن ثقافته مسألة التعاون وضبط النفس واحترام القوانين. معظم من يقود سيارة في شوارع المملكة يتحول إلى أناني كأنه في خصومة مع الآخرين. لا يمكن أن يسمح لعابر أن يعبر الشارع. لا يمكن أن يسمح لسيارة أن تدخل أمامه. ستبقى تنتظر الفرصة لكي تنقض وتدخل رأس سيارتك تنضم للطريق المعاكس. لن تجد من سيقف ويقول تفضل. نفسي نفسي.
توتر المرور معضلة جماعية وطالما أنها جماعية لم يعد تأثيرها موضع نقاش. التوتر الجماعي ينعكس على الأعمال وعلى الحياة العائلية وعلى الصحة النفسية أيضاً.
حل مشكلة المرور جذرياً لا تتوقف نتائجه الإيجابية على السلامة وحفظ الأرواح. أرى أن مشكلة المرور سبب أساسي في تدني الإنتاجية والاستيعاب المدرسي وحتى على العلاقات داخل الأسرة.
نقلا عن "الرياض"