ربيع التنمية السعودي وجهنم الديموقراطية!
لكل الشعوب أحلامها التي تغرد بها كل يوم، حين تشرق الشمس تنهض أعمالهم بأحلامهم، يخطون مع كل لحظة خطواتٍ إلى أهدافهم. والمجتمع السعودي عاش خلال السنوات الماضية أحلامه العريضة؛ نقرأ تلك الأحلام من خلال "النكتة" التي يتفنن في نحتها ونقشها، واضعاً تصرفاته وهمومه موضع السخرية، والشعوب التي لا تحلم تموت. سوى أنه من حسن حظّ هذا المجتمع أن طموحاته التي تطارده يقظةً ونوماً بقيت في إطار الولاء لقيادته، حيث لم يستجب أبداً لسيلٍ من التحريضات العالمية للخروج وركوب موجات "الثورات" التي لم تكن يوماً متفقةً والنسيج الاجتماعي السعودي الذي لم يبنِ كيانه على أساسٍ غامض أو ديكتاتوريات سياسية جاءت عن طريق الانقلابات العسكرية، بل تكوّن نظامه من خلال بيعة القبائل لأسرةٍ مُنحت من قبل الشعب تفويضاً بالحكم حباً وانتماءً وولاءً.
والإصلاحات لا تأتي بالتقليد المبنيّ على الحماس العادي والهوس بالمشهد البصري الذي يقدّمه الإعلام؛ فعلم الاجتماع يخبرنا أن لكل بلدٍ ظروفه وحيثياته وتفاعلاته الخاصة؛ وحين أجلبَ "بعض المعارضين" في الخارج محرضين الناس بكل وسائلهم يدعونهم إلى الخروج على القيادة أو "الثورة" لزم الناس بيوتهم. عبروا من خلال هذا السلوك عن رضاهم عن القيادة، لكنهم في ذات الوقت حافظوا على أحلامهم، وكان عشمهم في قادتهم واضحاً من خلال صمتهم لهذا لم يضيّع ملك الحزم والعزم وعرّاب مملكة المستقبل سمو ولي العهد أحلام شعبهم، فاستبقوا الزمن في تحقيق رؤيتهم العظيمة رؤية المملكة 2030 وشهد الشعب والعالم أجمع كيف صارت تلك الأحلام المكتوبة في زمن قياسي قصير تفسيراً وواقعاً.
ومع انتشار وسائل التعبير والتواصل الاجتماعي استغلت بعض التنظيمات المعادية ومن يدور في فلكها وأدواتها المجندة لخدمة أجندتها السياسية محاولين امتطاء بعض قضايا الناس والأخطاء الفردية التي تحدث في أي دولة بالعالم وبنسب مضاعفة في دول أخرى، ولأن ذلك الاستغلال المكشوف كان وسيلة لا للانتصار لمواطن أو فرد -الجميع يعلم إن كان له حق فهو محفوظ في مملكة العدل والحزم والعزم والقضاء على الفساد- بقدر أنها محاولات بائسة لتعطيل التنمية التي تقودها رؤية هذا الوطن بحجة المطالبة بالديموقراطية الفارغة ورغم أن المملكة تقود العالم في نجاح نموذج "التنمية" الذي جعل من الحديث عن الديموقراطية فيها لغواً غير ضروريّ، ذلك أن الديموقراطية "وسيلة" وليست غاية. فالتنمية في المملكة استطاعت أن تؤسس لمدنٍ هي الأجمل عربياً، فالتنمية أولى من الديمووقراطية، بقي البعض يعتبر الديموقراطية غاية حتى وإن عُدمت التنمية، وحين نشاهد بعض ما آلت إليه الدول الثائرة من اضطرابٍ في الاستقرار مقابل مزيدٍ من الحريات يمكن للإنسان أن يسأل، ما قيمة حرية الشكل من دون التنمية والاستقرار والأمن؟!
إن المدن الفاضلة لم توجد -منذ أن ألّف أفلاطون حُلمه المثالي ببنائها- وإلى اليوم، إنها توجد في الأحلام وأحبار الأقلام، والذين حاولوا تأسيس مدنٍ فاضلة لم يجنوا سوى الحروب الأهلية، حتى الديموقراطية تلك النظرية السياسية العظيمة بلاشك ليست هي النظام الكامل، بل هي كما قال تشرشل: "أقلّ الأنظمة سوءاً".
من الرائع أن نحافظ على تغريد أحلامنا لكن من الخطأ أن تكون الأحلام مبنيّة على نماذج وهمية يراد لها أن تحكم الواقع، و"الإصلاح السياسي" مفهوم عائم، لدى كل شخص معارض مفهوم إصلاحي يختلف عن الشخص الآخر، الإصلاح الاقتصادي والتنموي والسياسي.. إلخ، وفي الممملكة أساسهُ "القضاء على الفساد".
إذاً نعم هناك إرادة سياسية حقيقية في السعودية للإصلاح في كافة المجالات، وتلك الخطواتٍ والقرارات التصحيحية والمحاسبات والإيقافات تجتاز بنا مسافةً ضوئيةً لافتة نحو فضاء التنمية الآمنة.
* نقلا عن "الرياض"