المزارعون يريدون حماية منتجاتهم
قبل أيام جمعتنا المصادفة بأحد المزارعين السعوديين.. سعادتي تنطلق أن من بيننا من استمر على مهنة الأجداد ولم يتركها للعمالة الوافدة.. لكن يا لألمي وأنا استمع إلى حديثه المشبع بالحزن والوجع مما يجده هو وكل من يحرث أرضا في هذه البلاد الطاهرة.
في البدء وجب أن نشير إلى أن المزارعين لهم فضل كبير على حياتنا، فغذاؤنا منهم سواء ما نبت أو ما تمت تربيته من ذات لحوم ودواجن نحن نعتمد على المزارعين.. وهم يحتاجون من يعتمدون عليه لكي يكونوا منتجين مستمرين مفيدين صحة وغذاء لبلادهم.!
الزراعة تمثل تاريخا من هويتنا، وقد يكون هذا التأكيد غير مفهوم على الأجيال من الخامس وما قبله، لكن بعد ذلك من منّا لم يعش في مزرعة وحتى بستان صغير.. كانت غذاءنا ومصيرنا والعمل الذي كان آباؤنا وأجدادنا عليه.. لكن هل نسمح لها أن تندثر أو حتى يتحكم فيها المسوق الأجنبي ليفصلها عن أصالتها وفائدتها؟! الآن المزارعون في مختلف أنحاء المملكة يعانون من انفلات التسويق لمنتجاتهم، من سيطرة الأجنبي على إنتاجهم، فالاقتصاد الزراعي يعاني، والأسر تفقد مزارعها لعدم جدوى ربحيتها.
أعود إلى صديقي المزارع لأسأله ما الحل؟ إجابته كانت حاضرة وبسرعة كبيرة.. التسويق.. مشددا على أن إنشاء شركة وطنية للتسويق تستقبل منتجات المزارع مباشرة عبر كل مدينة ومحافظة وهي من يقوم بفحصها وتوزيعها وحتى تصديرها.. ويتم ذلك وفق آلية سعرية وإنتاجية محددة.
صاحبنا يتحدث عن جانب مهم في الزراعة.. عن السيطرة على الأسواق، ويرى أن هذا الأمر خارج عن إرادتهم فالأجنبي هو صاحب الشأن وكأن الأمر منوط بجماعات من جنسيات مختلفة لكل سيطرته على جهة معينة.. حتى وهو يشكو ويتحدث عن الزراعة الرديئة من جراء سيطرة أولئك ومحاربتهم لكل منتج صالح من خلال ضرب الأسعار وإخراج صاحب المبادئ من السوق وحتى من مزرعته.
أيضا لم ينسَ أن يشدد على الحمائية للمنتج الوطني، فحماية المنتجات الزراعية السعودية من المستوردات وفق آلية متوازنة بين التصدير والاستيراد، سيزيد من جودة المحلي ويؤدي إلى الاكتفاء وعدم الحاجة للأسواق الخارجية.
من جهتي أجزم أن التسويق لب المشكلة، فحين يطمئن المزارع على إنتاجه فالأكيد أن أوضاعه الزراعية ستتحسن كثيرا مما ينعكس على جودة إنتاجه، فلن يكون تحت رحمة الشريطية والمقايضين لإنتاجه.. وجود شركة وطنية كبرى للتسويق بعد استقبال منتجات المزارع كما تفعل دول كثيرة في هذا الشأن سيشجع كثيرين على الاستثمار في أراضيهم وبما يسهم برفد الاقتصاد الوطني السعودي.
لننشئ مثل هذه الشركة ولتكن أسهمها بين المزارعين.. أي لكل من يملك مزرعة الحق في المساهمة، وأثق أن الشركة الزراعية سوف تحل مشاكل المزارع من تسويق للمحاصيل الزراعية، بل إنها ستساهم في صحة المجتمع من حيث السيطرة على جودة المنتج واختيار أصناف وبذور عالية الجودة ومبيدات معتمدة.
*نقلاً عن "الرياض"