قمة العُلا.. مواصلة البناء لمجلس تعاون أقوى

إبراهيم النحاس
نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط

عقدٌ خامس من المسيرة المباركة لمجلس التعاون ابتدأته قمة العلا التاريخية التي أسست -بفضل الله- لمرحلة أخرى من مراحل البناء والعطاء والترابط والأخوة بين شعوب ودول مجلس التعاون. نعم، إنها قمة تاريخية تتجاوز في تطلعاتها مراحل وسنوات التأسيس الأولى وخطط التنمية الدورية، إلى مراحل متقدمة من التنمية والتطوير والتحديث تتمكن فيها دول مجلس التعاون من الارتقاء بمستوياتها الدولية من النامية إلى المتقدمة صناعياً وتقنياً وتكنولوجياً. نعم، إنها قمة تاريخية بملفاتها المهمة جداً التي تتطلب عمق البحث والتدارس واتخاذ القرارات التاريخية، في جميع المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، التي تمكن دول مجلس التعاون من التغلب على التحديات القائمة ووضع الخطط لمستقبل أكثر إشراقاً لشعوب ودول المجلس. نعم، إنها قمة تاريخية بتوقيت انعقادها حيث تتنوع التحديات الإقليمية، وتتصاعد التهديدات التقليدية وغير التقليدية، التي تتطلب اتخاذ الإجراءات المناسبة والقرارات المصيرية للمحافظة على أمن واستقرار دول مجلس التعاون. نعم، إنها قمة تاريخية عندما تشرفت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- المشهود له بحكمة القيادة، وسداد الرأي، وجمع الكلمة، وتوحيد الصفوف، والتطلع نحو العليا.

قمة العُلا التاريخية.. قمة تعبر بجلاء عن استمرارية الجهود التاريخية التي تبذلها المملكة وقيادتها الكريمة في سبيل تعزيز الترابط والتلاحم والتعاضد بين شعوب دول مجلس التعاون التي ترتبط فيما بينها بعلاقات الأخوة والدم والمصير المشترك. فالتاريخ المديد للمملكة الممتد لثلاثة قرون، والتاريخ الحديث والمعاصر الذي يمتد لتسعة عقود، يشهد للمملكة ولقيادتها الكريمة حرصها الشديد على عزة وكرامة أبناء دول مجلس التعاون، واستقلالية وسيادة أراضيها الوطنية، ووحدة الصف والكلمة بين جميع دول المجلس. من هذه المنطلقات التاريخية المعبرة بوضوح عن اهتمام المملكة وقيادتها بالعمل الخليجي المشترك، تأتي قمة العُلا لتعزز هذه المنطلقات التاريخية وتبني عليها لما فيه مصلحة شعوب ودول مجلس التعاون.

مادة اعلانية

وهنا يجب أن نشير إلى نقطة غاية في الأهمية وهي أن المملكة وقيادتها الكريمة عندما تدعو قادة دول مجلس التعاون لعقد مؤتمر على مستوى القادة فإنها تعبر بجلاء عن اهتمامها المباشر بأهمية توحيد الجهود الخليجية لمواجهة التحديات والمهددات المتنوعة والمتصاعدة في المنطقة والإقليم، وفي نفس الوقت تضع الحلول المقترحة والتوصيات البناءة أمام القادة لمناقشتها وأخذ القرارات التي تخدم المصالح العليا لشعوب ودول مجلس التعاون. وقمة العلا التاريخية تأتي لتعبر عن هذه السياسة الحكيمة المتطلعة لمناقشة ومعالجة الملفات المتعددة لتتمكن دول المجلس من المحافظة على أمنها واستقرارها وتحقيق تطلعات شعوبها الكريمة. فالمملكة ترى أن وحدة الصف الخليجي ووحدة الكلمة والإيمان التام بالمصير المشترك سيمكن دول المجلس من التغلب على التحديات القائمة والمستقبلية، وهزيمة المهددات الإقليمية التقليدية وغير التقليدية، ومواجهة التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية، والارتقاء بمستوياتها الاقتصادية والاستثمارية والصناعية، وتحقيق كل سبل الرفاه والرخاء لشعوبها. وفي الوقت الذي استطاعت دول مجلس التعاون من وضع الأسس الصحيحة واللبنات الرئيسة التي مكنتها -بفضل الله- من المحافظة على أمنها واستقرارها، وبناء مؤسساتها الوطنية المختلفة، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية؛ إلا أن أمامها أعمالاً كبيرةً يجب أن تقوم بها لتتغلب على التحديات والتهديدات الإقليمية السياسية والأمنية والعسكرية ومواجهة التنظيمات والجماعات المتطرفة والارهابية، وأيضاً أمامها أعمال كبيرة يجب أن تقوم بها لتحافظ على نموها الاقتصادي وتنويع مصادر دخلها وجذب الاستثمارات والصناعات الدولية. إن المشتركات العظيمة التي تجمع دول مجلس التعاون، مع إيمانها بوحدة الصف والكلمة والإيمان بالمصير المشترك، يمنحها فرصة تاريخية بأن تكون في مقدمة دول العالم إن آمنت بقدرات أبنائها، وتمكنت من توظيف مواردها البشرية ومقدراتها الوطنية وإمكاناتها المتاحة توظيفاً صحيحاً، وقدمت المصالح العليا لشعوب ودول المجلس على حساب المصالح الخاصة.

وفي الختام من الأهمية القول بأن النجاح الذي تحقق في قمة العلا التاريخية إنما هو نتيجة لإيمان قادة دول مجلس التعاون بأهمية هذه المنظمة الدولية التي تجمعهم، وتوحد جهودهم المشتركة، وتساهم في تحقيق رغبات شعوبهم المتطلعة لمستقبل أكثر رخاءً وأمناً واستقراراً. إن عقد قمة العلا التاريخية ونجاح أعمالها يرسل رسالة مباشرة بأن دول مجلس التعاون لديها من الحكمة لأن تستوعب دروس وأحداث التاريخ بعناية شديدة، وقادرة على التعامل مع الواقع بدهاء كبير، وساعية لوضع الخطط البناءة والأهداف السامية التي تمكنها من صناعة مستقبل أكثر رفاهاً ورخاءً لشعوبها، وأكثر أمناً واستقراراً لدولها.

* نقلا عن "الرياض"

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة
  • وضع القراءة
    100% حجم الخط