بيعوا سان جيرمان
مع عودة قضية الرسوم المسيئة إلى الواجهة مجدداً، عادت الحكومة القطرية لممارسة ازدواجيتها العبثية من خلال دعم الظالم والمظلوم في الوقت نفسه، وسط حملات تهكم وتعجب في وسائل التواصل الاجتماعي من هذه المزايدات الإعلامية التي مازالت تراهن على تأثير الغوغاء في الشارع العربي.
ومع انطلاق حملات شعبية في كثير من الدول لمقاطعة المنتجات الفرنسية احتجاجاً على الإساءة للرسول والدين الإسلامي، أظهرت قطر رأسها مجدداً بالترويج للحملة ودعوة المسلمين إلى إضعاف الاقتصاد الفرنسي للضغط على الرئيس إيمانويل ماكرون، وفي المقابل لم تحرك الدوحة ساكناً على الأرض من خلال مواصلة الدعم غير المحدود بتحويل مليارات الدولارات إلى الخزانة الفرنسية، من أجل تمويل العقود الضخمة وشراء الاستثمارات.
عندما تدعو قطر ومنصاتها الإعلامية إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، تقوم في المقابل بالعمل على تنفيذ اتفاقيات تجعلها دولة فرانكفونية، وتبرم عقوداً يتولى بموجبها الأمن الفرنسي تأمين كأس العالم 2022، فضلاً عن عقود تخص الجامعات والقطاع الصحي والتبادل التجاري، يمكنها تأمين مبالغ كبيرة للخزانة الفرنسية وتوفير آلاف الوظائف للعاطلين عن العمل.
وحين تدعم قطر حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب الإساءة للرسول، تقوم الحكومة بمنح عشرات التصاريح لافتتاح جامعات ومعاهد لتدريس الثقافة الفرنسية الرافضة للإسلام على أراضيها، وتستقدم مئات المعلمين وأساتذة الجامعات لتعليم مواطنيها ما تعتبره مسيئاً ويستحق الدعوة إلى المقاطعة.
في باريس يتضح أن قطر تحتل مكانة بين أكبر خمس دول تمتلك استثمارات في فرنسا، بدءاً من قطاع الطاقة إلى العقارات والاتصالات وانتهاءً بالاستثمار الرياضي والخدمات المالية، وهذه الاستثمارات تقدر بنحو 30 مليار يورو وتوفر نحو 65 ألف فرصة عمل في سوق العمل الفرنسية، ما يجعل تدخل الحكومة القطرية في حملة المقاطعة بمثابة عقاب شديد لماكرون ومساندة كبرى لموقف رجب طيب أردوغان الذي يحتاج إلى دعم خزانته الخاوية ببعض ما يصرف على نادي باريس سان جيرمان.
ما زالت حكومة قطر تتبع ما يقوله مستشارها “المثقف العربي” الذي يعرف كل شيء بدرجة تفوق أصحاب الشأن أنفسهم، وما زالت تراهن على إحصائيات يعود بعضها إلى السبعينيات، تظهر أن العالم العربي غارق في الأمية والفقر والمرض، ما يسهل مهمة استغفاله واستخدامه كلعبة يمكن توجيهها بحسب الرغبة.. وتبقى الحقيقية أن قطر لا تقدم خيراً في مزايداتها على القضايا المهمة، لا في تحرير فلسطين ولا في خدمة الإسلام، لأنها تبحث عن دور لا يتوفر إلا في وسط الصراعات.
*نقلاً عن الرياضية السعودية