الأهمية الإستراتيجية للسعودية لإدارة بايدن

نورة صالح المجيم
نشر في: آخر تحديث:
وضع القراءة
100% حجم الخط

ما بدر من بايدن وإدارته إبان حملته الانتخابية وبعد توليه السلطة، ربما أوحى للبعض بأن العلاقات الأميركية - السعودية في ظل إدارته ستمر بفترة غير مسبوقة من عدم الاستقرار بين الشريكين، وإن كانت ملفات الخلاف بين البلدين ليست بالجديدة، لكن في ما يبدو أن إدارة بايدن ستكون أكثر فعالية بدرجة ما، وبالتحديد في مسألة إنهاء حرب اليمن لإرضاء الديموقراطيين، التي ترغب المملكة في إنهائها بالفعل.
استنباط سيناريو متوتر مبكر للغاية لعلاقة قوية بين شريكين، وبناء أيضا على مجرد تصريحات ووعود فضفاضة معتادة من واشنطن، أمر لا يستقيم مع وقائع السياسة العملية والبرغماتية التي تحكمها المصالح الحيوية أولا وأخيرا. خلال الفترة الماضية، بدر من بايدن وإدارته مجموعة تصريحات رسمية «قد تكون مفاجأة للبعض» تخص العلاقات مع السعودية، تشير بلا ما يدع مجالا للشك إلى تغليب منطق الواقع والمصالح الذي سيحكم العلاقات خلال الفترة المقبلة.

ففي أول تصريح لبايدن كرئيس بشأن العلاقات مع السعودية، تعهد خلاله بالحفاظ على التعاون الإستراتيجي مع المملكة وحماية سيادتها ودعمها ضد التهديدات التي تواجهها. أعقب هذا التصريح تصريح أكثر قوة من جانب إدارة بايدن يعد الأول رسميا، أدان بشدة ما تعرضت له الرياض من هجمات مسلحة من جانب الحوثيين، مع التعهد بمحاسبة مرتكبي الهجمات. وأيضا، أدانت إدارة بايدن بشدة هجمات الحوثيين على مطار أبها السعودي.

مادة اعلانية

التحالف الأميركي - السعودي رغم رسوخه، فإنه يشهد منذ مجيء إدارة أوباما بعض الفتور، ليس بسبب ملفات التوتر بين البلدين، لكن بسبب تراجع أهمية المنطقة برمتها لأميركا. ومع ذلك، ظلت المملكة أهم شريك لأميركا في المنطقة على الإطلاق لإدارتي أوباما وترامب. فتراجع أهمية المنطقة لواشنطن لا يعنى انفكاكها تماما عن المنطقة، فلا تزال لواشنطن بعض المصالح الحيوية في المنطقة، كمحاربة الإرهاب واستثماراتها الاقتصادية التي تؤمنها من خلال حلفائها الإستراتيجيين، خصوصاً المملكة.

قد يكون من المستغرب لدى البعض أن الأهمية الإستراتيجية للمملكة لدى إدارة بايدن قد تزداد بوتيرة أعلى مقارنة بإدارة أسلافه، وذلك تحت وطأة مصالح وحسابات عدة متغيرة وطارئة لواشنطن، إقليميا وداخليا ودوليا، تحتاج فيها إلى دعم وقوة المملكة بشدة لإتمامها ومعالجتها.

فعلى الصعيد الداخلي الأميركي، هناك حاجة ماسة لاستمرار تدفق الاستثمارات السعودية، حيث إن المملكة ثالث أكبر مستثمر في سندات الخزانة الأميركية وأكبر مشتر للسلاح الأميركي. وعلى الصعيد الإقليمي، تحتاج إدارة بايدن بشدة للمملكة لإتمام عودة الاتفاق النووي الإيراني، ورغم عدم ترحيب المملكة به، فإن دورها في إتمامه حيوي للغاية من ناحية، ومن ناحية أخرى، هناك رغبة واشنطن في عمل توازن سعودي مع إيران.

من الملفات الإقليمية أيضاً ملف اتفاقات السلام العربية - الإسرائيلية الذي تدعمه المملكة بشروط، من منطلق إحلال السلام في المنطقة. هناك أيضا ملف حرب الإرهاب والأصولية التي تضطلع به المملكة عسكريا ومخابراتيا، كشريك أساسي مع واشنطن في ظل سياسة عبء مشاركة الحلفاء الجديدة لواشنطن في المنطقة.

وعلى الصعيد الدولي، لا تزال للمملكة اليد الطولى في مسألة أسعار النفط والحفاظ على سعر نفط معتدل لحماية صناعة النفط الصخري الأميركي. المملكة أيضا شريك حيوي لواشنطن في إطار عزم بايدن تشكيل تحالفات دولية للحد من النفوذ الصيني العالمي، وهي المسألة الأكثر إلحاحا لواشنطن في ظل اقتراب بكين من انتزاع قيادة العالم من واشنطن.

السياسة الأميركية، تاريخيا، لا يحكمها إلا منطق حسابات الربح والخسارة، لذلك ليس من المستغرب أن يكون بايدن على غرار سلفه أوباما من أكبر المدافعين عن المملكة في كونغرس يهيمن عليه الديموقراطيون.

* نقلا عن "القبس"

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
انضم إلى المحادثة
الأكثر قراءة مواضيع شائعة
  • وضع القراءة
    100% حجم الخط