عندما تنبح الكلاب
الحملات الإعلامية الرخيصة ضد المملكة ليست جديدة.. فبين الحين والآخر كانت تخرج صحيفة أو إذاعة أو مجلة لتقول شيئاً ضد المملكة.. وسرعان ما تتكشف الأكاذيب والدوائر المعادية التي تقف وراءها.. وإذا كانت هذه الحملات من وجهة النظر المحايدة أمراً طبيعياً يأتي من ثنايا الحقد والحسد لما وصلت إليه المملكة من نمو وتطور طالا كل ركن من أركان الحياة فيها إلا أنه ليس من الطبيعي أن يستمر هذا الكذب هذا التلفيق في عصر المعلومات السريعة عبر الأقمار الصناعية والإعلام الحديث.. هذه الأجهزة الإعلامية جعلت كل شيء في كل دولة صفحة مفتوحة.. لا يستطيع أحد أن يداري أو يخفي شيئاً.. ولذلك سرعان ما تنكشف ادعاءات وأكاذيب الحملات الإعلامية المغرضة ضد سياسة المملكة.. بل ويأتي التكذيب من هناك.. من بعض العواصم التي تعاني أمراضاً مزمنة.. كما يقولون.. فكثير من خبراء الاستراتيجية والسياسة المتابعين هم الذين يتصدون للأكاذيب التي تنشر عن المملكة.. وقد أثبتت باحثة في جامعة أوكسفورد - نشرت مقالاً لها - أن المملكة قوة للسلام لا للعدوان.. وأن هذه الحملة التي تشنها بعض الدوائر المعادية ما هي إلا ابتزاز سياسي مكشوف.. وأنه لا توجد وثيقة واحدة تبين أن المملكة تراجعت عن أي اتفاقيات عقدتها.
فالمملكة وفية دائماً لتعهداتها واتفاقياتها.. وكانت دائماً قوة مؤثرة في السلام الدولي.. وشاركت بالمال والأنفس من أجل دعم هذا السلام.. بل إنها وظفت اقتصادها القوي وحنكتها السياسية في
استتباب الأمن والاستقرار في العالم.. وطوال عقود طويلة منذ تأسيس المملكة فإنها تلتزم عدم التدخل في شؤون أحد.. وإذا طلب منها أي شيء أو مساعدة أو عون من أجل السلام فإنها لا تتأخر.. هنا تتدخل المملكة من أجل أن يسود الوئام والاستقرار في أي جزء من أجزاء العالم.. تتدخل بأموالها على شكل مساعدات عينية ومالية لإزاحة شبح المجاعات عن أمم أو دول أو لمساندة قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان.. أو ترسل جنودها ضمن القوات الدولية لحفظ السلام في أي دولة من الدول..
هذه هي المملكة.. سياستها واضحة لا لبس فيها ولا إخفاء.. تنبع سياستها من الصدق والأمانة، وهما موروثان من الدين الإسلامي السمح. ولعل هذا الصدق وهذا التوجه الأمين في السياسة السعودية كانا الصخرة التي تتحطم عليها كل دعايات مضادة أو حملات إعلامية مغرضة يتستر خلفها أعداء نعرفهم بأفكارهم السوداء وحقدهم وحسدهم.. والأمر المضحك أن هذه الحملات التي تتكرر تتخذ نفس الأسلوب وتنهل من أكاذيب النازية والشيوعية..
وكلها نظريات إعلامية عفّى عليها الزمن.. فقد كانت بعض النظريات التي ابتدعها البعض وكذلك الإعلام الشيوعي.. كانت هذه النظريات تقول: إن "اختلاق" الأكاذيب وتكرارها سوف يجعلان الناس يصدقونها.. وقد ثبت للدنيا كلها سقوط هذه النظريات ليس نظرياتها الإعلامية فحسب وإنما النظرة الشيوعية بأسرها.. من هنا نحن على ثقة من أن الحملات المستعرة ضد المملكة سوف يكون مآلها السقوط والفشل.. ولن ينال الذين يقفون وراءها سوى الخزي والاحتقار من قبل أنحاء العالم.. بل إن من يشعلون هذه الحملات الكاذبة يقابلون بالسخرية من أجهزة الإعلام التي تبحث عن الحقيقة والصدق.
وهاجس هؤلاء وهؤلاء هو ما أكده تميز الاقتصاد السعودي، ولا يستطيع أحد أن يزعم أن الاقتصاد العالمي معافى، إذ إن الصحيح أن غالبية دول العالم تعاني من مصاعب اقتصادية بما في ذلك الدول الكبرى.. وتعكس مؤشرات الأداء والبطالة والدخول في دول العالم تراجع اقتصادات هذه الدول..
من هنا فإن المؤشرات التي يعطيها الاقتصاد السعودي من خلال أزمة كورونا أظهرت أن نصف السعوديين ارتفعت دخولهم في العام الحالي. وأن 80 % من أفراد العينة يعتبرون أن مستويات دخولهم في العام الحالي لا تقل عما كانت عليه في العام الماضي. هذه المؤشرات هي دلالة بالأرقام على قوة وتعاظم أداء الاقتصاد السعودي.. ذلك أن مجرد التقدم والتحسن في الدخول والنمو حتى ولو بنسب ليست كبيرة في الوقت الذي يتراجع فيه أداء الاقتصاد والدخول في الغنية المتقدمة يعتبر أمراً طيباً لاقتصاد الممكلة.
وقوة الاقتصاد السعودي لم تنبع من فراغ وإنما كانت محصلة جهود مستمرة منذ سنوات طويلة ونتيجة للسياسة الحكيمة للدولة التي ترتكز على الاقتصاد الحر وفق تعاليم الإسلام، التي تشجع القطاع الاقتصادي الأهلي فضلاً على التبصر في كل الخطوات الاقتصادية الحكومية وغير الحكومية..
وإذا كان ثمة إشارة إلى جهد وتخطيط المسؤولين فإن أداء الحكومة السعودية وتخطيط قادتها كانا وراء ذلك النجاح.. كان لهما دور في هذا النجاح الذي يتمثل في تجاوز الاقتصاد السعودي لمصاعب المرحلة الحالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي والثبات على النجاح والنمو.
إن هندسة الاقتصاد تعتبر من الأمور المعقدة غير السهلة خاصة في هذا العصر الذي تتشابك فيه وتتصارع المصالح الاقتصادية على شكل حروب علنية وحروب خفية.. وبرغم السباحة في بحر متلاطم إلا أن سفينة الاقتصاد السعودي ظلت تعرف طريقها وتسير في خطها الآمن نحو مرافئ الانتعاش والتحسن.
إن المؤشرات والإحصائيات الأخيرة أثبتت أن النمو في الاقتصاد مستمر، وأن القطاع الخاص حقق نمواً رائعاً هذا العام.. وكل ذلك يدفع مسارات الاقتصاد إلى مستويات أفضل.. ذلك أن الانتعاش الاقتصادي أصبح يعتمد ليس على دخل البترول فقط وإنما هناك الآن تنوع في الدخل الاقتصادي الوطني يتمثل في الاستثمار في القطاع الصناعي والقطاع الزراعي والقطاع التجاري وقطاع الخدمات والصيانة والمباني والمقاولات.. وهناك سيولة كبيرة لدى المواطنين.. هذه المحاور الاقتصادية هي في الأساس شرايين الاقتصاد الحيوي، التي تجعل الدم يتدفق بصورة دائمة في هيكل الاقتصاد.
ولعل كل ذلك هو ما دفع المستهلكين السعوديين من خلال الاستطلاع الذي أشرت إليه في مقدمة هذه السطور لكي يقرروا ويسجلوا تفاؤلهم الذي زاد على العام الماضي، وهو وجه آخر من وجوه قوة الاقتصاد السعودي وانتعاشه.
* نقلا عن "الرياض"